قالت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) الأميركية في تقرير لها إن الأزمات في إثيوبيا تزداد بشكل مطرد منذ حصول رئيس وزرائها آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام العام الماضي.
وذكر التقرير -الذي أعده ماكس بيراك مدير مكتب الصحيفة بالعاصمة الكينية نيروبي- أن إثيوبيا تعاني من اضطرابات سياسية تزداد باستمرار، مما قوّض بعض الآمال “السامية” التي عقدت على آبي أحمد من قبل أنصاره واللجنة المانحة للجائزة في أوسلو النرويجية.
ومُنحت جائزة نوبل للسلام لعام 2019 لرئيس الوزراء الإثيوبي تقديرا لجهوده في إقرار السلام مع الجارة إريتريا، بعد سنوات من العداء تخللتها حرب حدودية استمرت منذ العام 1998 إلى عام 2000.
وذكرت الصحيفة أن آبي أحمد انخرط منذ تنصيبه رئيسا للوزراء عام 2018 في وضع أجندة إصلاحات، تضمنت بسط الحريات المدنية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتحرير التجارة ووعدا بإجراء أول انتخابات حرة وتعددية في تاريخ إثيوبيا.
لكن سلسلة من الأزمات عصفت بالبلاد بعد ذلك مما أدى إلى إبطاء وتيرة الإصلاحات وإثارة تساؤلات من قبل الكثيرين عما إذا كان تتويج آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام أمرا سابقا لأوانه.
وقد أدت أعمال عنف عرقي وسياسي واسعة النطاق واعتقال قادة المعارضة وحالات استقطاب حادة حول جدول الانتخابات الموعودة -التي أُجِّلت عقب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد- إلى زعزعة استقرار البلاد على نحو متعاظم.
ونقل التقرير عن هنريك أوردال، مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو الذي يرصد عن كثب مسار منح جائزة نوبل للسلام، قوله إن لجنة الجائزة “دأبت على منح جوائزها إلى عمليات جارية -كما هو الحال فيما يتعلق بإثيوبيا- بدلا من إنجازات سابقة”.
وأعرب أوردال عن اعتقاده أن منح الجائزة لآبي أحمد ربما كانت “المخاطرة الكبرى” التي أقدمت عليها لجنة منح الجائزة، لكنه مع ذلك يرى أنه من المبكر جدا وصف هذا القرار بأنه “فشل”.
وكان آبي أحمد قد كتب -في مقال نشرته مجلة “إيكونوميست” البريطانية الشهر المنصرم- أن التزامه بإجراء إصلاحات “يظل راسخا رغم العقبات العديدة التي اعترضت البلاد خلال عامين ونصف العام”.
بيد أنه أقر بالصعوبة التي تكتنف عملية بناء السلام في بلد له تاريخ طويل من أنظمة الحكم الاستبدادية.
توترات عرقية
ولعل أكبر تحدٍ يواجه رئيس الوزراء الإثيوبي -تقول الصحيفة- هو التململ الذي يشهده إقليم أوروميا الذي يشتكي سكانه -الذين ينتمون لمجموعة الأورومو العرقية الأكبر في إثيوبيا- من التهميش السياسي الذي تعرضوا له مع تعاقب الحكومات السابقة.
وللمفارقة، فإن آبي أحمد ينتمي هو الآخر العرقية نفسها، ويتهمه الزعماء الأوروميون بمواصلة إقصائهم من الركب.
وكانت اضطرابات قد اندلعت في الإقليم عقب اغتيال مغنٍ شهير في 29 يونيو/حزيران الماضي، ولقي ما يزيد على 200 شخص مصرعهم، بعضهم في اشتباكات مع الجيش والشرطة. كما اعتُقل أكثر من 9 آلاف آخرين وُجهت لقرابة الثلثين منهم تهم بارتكاب جرائم، منهم جوهر محمد وبيكيلي جيربا أقوى زعيمين للمعارضة.
وزعم عضو في هيئة الدفاع عن الزعيمين أن التهم الموجهة لهما ذات دوافع سياسية الهدف من ورائها منع المعارضة من المشاركة في الانتخابات المقبلة، والتي يعتقد أنها كانت ستفوز بها.
ويعتقد كاتب التقرير أن نذر أزمة سياسية أخرى تلوح في إقليم تيغراي الشمالي، الذي مضى قدما في إجراء انتخاباته المحلية رغم تعليق مفوضية الانتخابات الوطنية لعمليات الاقتراع كافة بسبب جائحة فيروس كورونا.
ففي يوم الأربعاء الماضي، وافق نواب البرلمان الإثيوبي على خفض التمويل المقدم لهذا الإقليم، وهو القرار الذي وصفه مسؤول بالإقليم بأنه “يرقى لإعلان الحرب”.