(تقرير: بوابة السودان)
🔺مقدمة:
مع مرور 19 شهرًا على اندلاع الحرب في السودان، تتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق، وسط تحذيرات من أن السودان يقترب بسرعة من الانهيار الشامل.
تصريحات الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند، التي جاءت بعد زيارة ميدانية لمدة أسبوع إلى السودان انتهت نهاية الأسبوع الماضي، رسمت صورة قاتمة للأوضاع، ووصفت الأزمة بأنها الأسوأ عالميًا في الوقت الراهن، مع استمرار معاناة أكثر من 20 مليون سوداني من العنف والجوع والنزوح.
دعا إيغلاند، وهو أول مسؤول دولي يتحدث بهذه الطريقة المباشرة والصادمة من قرب عن آثار الحرب، إلى تحرك عاجل يتناسب مع حجم الكارثة، قائلاً إن التغريدات والبيانات الدولية التي تعبر عن القلق ليست كافية، مشيرًا إلى أن العالم يمنح بضجيجه الصامت الضوء الأخضر لاستمرار المعاناة.
وأكد أن “السودان بحاجة إلى استجابة طارئة عالمية تنقذ الملايين الذين يقفون على شفا المجاعة.”
🔺إحصائيات مرعبة وصادمة للأزمة:
– بلغ عدد النازحين داخليًا 11 مليون شخص، يعيشون في ظروف قاسية داخل مخيمات مكتظة وغير مجهزة لتلبية الاحتياجات الأساسية.
– وصل عدد اللاجئين إلى 3 ملايين شخص، يتواجدون وفق التوزيع الآتي: (تشاد، مصر، جنوب السودان، وإثيوبيا).
– عدد الذين يتعرضون لنقص حاد في الغذاء: 24 مليون شخص (50% من السكان).
– عدد من هم على حافة المجاعة: 1.5 مليون شخص، بينما عدد الوفيات الشهرية بسبب الجوع والصراع غير معروف، ويقدر بالآلاف.
– تمويل الاستجابة الإنسانية: أقل من 50% من الاحتياجات المطلوبة.
– بلغ عدد ضحايا العنف مبلغًا خطيرًا، حيث إنه خلال الشهر الماضي فقط (أكتوبر)، قُتل أكثر من 2,500 شخص، ونزح ما يزيد عن 250,000 شخص بسبب تصاعد القتال والهجمات العشوائية.
🔺المساعدات الإنسانية كسلاح:
تفاقم الأزمة الإنسانية يأتي أيضًا نتيجة منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية من قبل الأطراف المتحاربة، خصوصًا من الجهات الرسمية التابعة للجيش السوداني. ووفقًا لإيغلاند، فإن منع شاحنات الإغاثة من الوصول إلى المحتاجين يمثل استخدامًا متعمدًا للجوع كسلاح حرب.
وأضاف: “كل تأخير في وصول المساعدات، وكل شاحنة يتم إيقافها، وكل تفويض يتم تأجيله، هو بمثابة حكم بالإعدام على عائلات لا تستطيع الانتظار يومًا آخر للحصول على الغذاء والماء والمأوى.”
🔺عنف مستمر وأرض محروقة:
وثّق إيغلاند آثار الحرب العبثية على السكان المدنيين، من دارفور إلى الجزيرة وشرق السودان، مشيرًا إلى تدمير القرى بالكامل وارتكاب انتهاكات مروعة شملت: إعدامات جماعية، اغتصاب النساء، والقصف العشوائي للمنازل والبنية التحتية.
ووصف إيغلاند ما يحدث بأنه عنف مستمر وممارسة “سياسة الأرض المحروقة”، التي تهدد بانحدار خطير نحو المجاعة الشاملة والمعاناة.
وكشف المسؤول النرويجي عن صورة قاتمة للأوضاع في السودان، مشيرًا إلى أن أكثر من 20 مليون شخص يعانون من العنف المستمر والنزوح القسري، مما يمثل تهديدًا وجوديًا لمستقبل السودان وأجياله القادمة.
🔺إغلاق (التكايا) بسبب ضعف الاستجابة العالمية:
رغم ضخامة الأزمة، تعاني الجهود الإنسانية من نقص حاد في التمويل. حتى الآن، لم تحصل الاستجابة الإنسانية إلا على أقل من 50% من التمويل المطلوب، مما دفع المنظمات العاملة في السودان، بما في ذلك المجلس النرويجي للاجئين، إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن من يمكن مساعدته.
وقال إيغلاند إن نقص التمويل أجبرهم على إغلاق مطابخ الحساء (التكايا) في الخرطوم، التي كانت تمثل شريان حياة أخيرًا لآلاف المحتاجين.
وأضاف: “بينما نحاول مواكبة الأزمة، فإن مواردنا الحالية لا تمنع الوفيات، بل تؤخرها فقط.”
🔺خاتمة:
يقف السودان الآن على حافة هاوية خطيرة، حيث تهدد الحرب والجوع والأمراض والتشرد بتدمير مجتمعات بأكملها. أرقام الأزمة الإنسانية لا تترك مجالًا للشك بأن الوضع يتطلب استجابة طارئة عالمية تتناسب مع حجم الكارثة.
وإذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل حاسم وسريع لوقف هذه الحرب، سيفقد السودان جيلًا كاملًا بسبب المجاعة والنزوح.
تصريحات الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، “يان إيغلاند”، تلخص الواقع المرير الذي أنتجته هذه الحرب المدمرة:
“هذه مأساة من صنع الإنسان، ويمكن وقفها إذا توافرت الإرادة السياسية والإنسانية اللازمة.”