رصد رؤى نيــوز
تحدث الأخطاء الطبية القاتلة بسبب افتقار الأماكن للتجهيزات الصحية والعادات المجتمعية في مرمى الاتهام قبل ستة أعوام أعلنت وزارة الصحة السودانية أن ثلاثة آلاف حالة وفاة سنوياً تحدث وسط الأمهات، لافتة إلى أن الأعداد “قابلة للزيادة”، ومشيرة إلى أن نحو 37 ألف طفل يموتون أثناء الولادة خلال العام.
وصنفت منظمة رعاية الطفولة البريطانية السودان على أنه من بين الدول ذات معدلات الوفيات المرتفعة وسط الأطفال.
ومن ثم حدث استقرار بسيط، وبعدها أهملت حكومة البشير هذا الجانب، ولم تصدر إحصاءات توضح الأعداد الجديدة.
لكن، صفحات التواصل الاجتماعي والصحف تحمل أخباراً شبه يومية، تؤكد وفاة أمهات أثناء الولادة، بسبب الأخطاء الطبية.
وفي السابق كانت تكثر الأخطاء في المستشفيات الحكومية غير المؤهلة، لكن لقي عديد من الأمهات حتفهن داخل أروقة أكثر مستشفيات الولادة تطوراً في السودان، ما زاد الهلع وسط السيدات، وجعل المقتدرات منهن يسافرن لإنجاب أطفالهن خارج البلاد.
أزمة قديمة متجددة
على الرغم من الوعود الحكومية للعمل على خفض معدل وفيات الأمهات بنسبة تتجاوز 75 في المئة، فإن الأرقام لا تزال تؤكد ثبات النسبة، بل وارتفاعها.
وتأتي أسباب وفيات الأمهات بسبب الأخطاء الطبية الفادحة، خصوصاً في العمليات القيصرية، أو نتيجة الإهمال، أو عدم التخصص.
وهذا ما حدث لسلمى، التي فقدت حياتها الأسبوع الماضي، بسبب خطأ طبي جرى على إثره إغلاق أهم مستشفى للولادة في أمدرمان، وهو مستشفى (الدايات)، بعدما تم تحطيم المكان بواسطة مرافقي المريضة، علماً أن المستشفى يستقبل سنوياً آلاف الأمهات للولادة، ويقصده أصحاب الطبقة المتوسطة.
تقول أخصائية النساء والتوليد ندى الفاتح لـ”اندبندنت عربية”، “معدل ارتفاع وفيات الأمهات يرجع إلى سوء بيئة العمل وقلة الرعاية الصحية، بسبب الأوضاع الاقتصادية وعدم تجهيز مستشفيات الولادة بالصورة المطلوبة ما يزيد من الأخطاء الطبية”.
وتضيف، “أكثر المضاعفات انتشاراً وسط الأمهات هو حدوث نزيف بعد الولادة وعدم توافر الدم ما يؤدي إلى الوفاة، وتعسر الولادة الذي غالباً ما يحدث بسبب الختان”. لافتة إلى أن “نسبة الوفيات ترتفع وسط الأمهات اللواتي ينجبن للمرة الأولى، وصغر سن بعضهن اللاتي لا يتجاوزن 15 عاماً”.
وتشير الفاتح إلى أن الأسباب “ليست دائماً في سوء المستشفيات”. موضحة “عدم وجود قابلات وأطباء مؤهلين، وكذلك إهمال الوزارة في تدريب الأطباء والاعتماد عليهم في العمليات ومتابعة المريضات اللواتي في أوضاع خطرة كلها أسباب أدت إلى ارتفاع حالات الوفيات وسط الأمهات”.
قصص مريرة
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يتداول البعض قصصاً مريرة عن فقدان أمهات أطفالهن، وأطفال لأمهاتهم أثناء ولادتهم. يروي عبد النعيم قصته “فقدت زوجتي أثناء ولادة ابني منذ عام واحد. كانت ولادتها في ولاية الجزيرة بإحدى القرى الطرفية التي تفتقر للمؤهلات والرعاية، تعرضت لنزيف حاد أودى بحياتها”.
ويقول نبيل، 25 عاماً، إن زوجته كانت في الـ 15 من عمرها عند خضوعها لعملية الولادة. ولم يخف غضبه من العادات والتقاليد “لم أكن أرغب في الزواج من طفلة في هذا العمر، لكن تعرضت لضغط مجتمعي من جانب أسرتي وأسرتها، فهي ابنة عمي والعادات في منطقتنا تزوج الفتاة فور انتهائها من المدرسة. وأعتقد أن زواجها المبكر وعدم قدرتها على الإنجاب في هذه السن كان سبباً أساسياً في فقدان حياتها”.