أبدت أرمينيا استعدادها للاعتراف باستقلال قره باغ لحل الأزمة مع أذربيجان، كما أكدت روسيا أن التزاماتها تجاه أمن أرمينيا لا تنطبق على قره باغ. وبينما تتواصل المعارك والقصف المتبادل، حذرت إيران من اتساع رقعة الحرب، ودعت فرنسا لحلٍّ برعاية مجموعة مينسك.
وخلال اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إن بلاده مستعدة للاعتراف باستقلال ما سماها “جمهوية قره باغ”، إذا كان ذلك سيساعد في حل الأزمة.
وأضاف أن تسوية النزاع لا بد لها من حلول وسطى وتنازلات، وأن بلاده مستعدة لذلك في حال كانت أذربيجان ترغب في ذلك على حد قوله.
وأكد باشينيان أن النزاع في قره باغ خرج عن حدود الإقليم وأصبح يشكل تهديدا للأمن الدولي، واتهم تركيا بالسعي لإحياء الإمبراطورية العثمانية وتكرار ما وصفه بإبادة الأرمن.
بدوره، صرح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بأن التزامات روسيا تجاه أمن أرمينيا في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي لا تنطبق على قره باغ.
في الجانب الآخر، قال رئيس أذربيجان إلهام علييف للقناة الأولى الروسية إن بلاده ستعود إلى المحادثات مع أرمينيا بعد انتهاء مرحلة الصراع العسكري “الحرجة”، موضحا أن المجتمع الدولي، بما فيه رؤساء مجموعة مينسك، صرحوا في وقت سابق بأنه لا يمكن القبول بالوضع الراهن في قضية قره باغ.
وأضاف علييف أن من حق تركيا “بصفتها دولة كبيرة وجارة لنا في جنوب القوقاز” المشاركة في الوساطة، وذلك بعدما قال باشينيان لمجلة تايم إن بلاده لن توافق على وقف إطلاق النار إلا إذا كفت تركيا عن الانخراط في الصراع وجرى سحب “المرتزقة”.
وكان علييف قد تحدث هاتفيا مع بوتين، حيث وصف الأخير ما يجري في الإقليم بالمأساة، ودعا إلى وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن.
إيران وفرنسا
من جهة أخرى، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني من اتساع رقعة الحرب، مؤكدا أن إيران لن تسمح لمن وصفهم بالإرهابيين بالوجود قرب حدودها.
وأضاف روحاني أن حلّ الأزمة يتم عبر الحوار، وأن طهران مستعدة لتقديم المساعدات اللازمة لحل الخلاف.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن طهران سلمت مذكّرة احتجاج رسمية لكل من أذربيجان وأرمينيا، اعتراضا على سقوط قذائف على المناطق الحدودية الإيرانية جراء النزاع الدائر بين البلدين، معتبرا ذلك خرقا للسيادة الإيرانية.
وأضاف خطيب زاده أن بلاده لن تتساهل حين يتعلق الأمر بأمن مواطنيها، داعيا الطرفين إلى الحذر، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار الأمر.
وفي باريس، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية بأن “الجديد في الأمر هو وجود تدخل عسكري لتركيا، مما قد يؤدي إلى تأجيج وتدويل الصراع”.
وأعرب الوزير عن أسفه لـ “وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين من أجل تحقيق تقدم طفيف في الأراضي من جانب أذربيجان بما أنها هي من بدأ القتال”، داعيا إلى وقف فوري للقتال والعودة إلى المفاوضات “من دون شروط” تحت رعاية مجموعة مينسك المكلفة بالوساطة، والتي تضم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة.
وأوضح لودريان أنه ستعقد اجتماعات غدا في جنيف وأخرى الاثنين في موسكو، أملا في التمهيد لبدء المفاوضات.
وأعلنت وزارة الخارجية الأذربيجانية أن وزير الخارجية جيهون بيراموف سيتوجه الخميس إلى جنيف لإجراء لقاء مع الوسيط الدولي في نزاع قره باغ، كما سيلتقي رؤساء مجموعة مينسك ليعرض موقف بلاده من التسوية.
واستبعدت أرمينيا على لسان متحدثة رسمية أي لقاء بين وزراء أذربيجان وأرمينيا في جنيف، لأنه “لا يمكن التفاوض من جهة والقيام بعمليات عسكرية من جهة أخرى”، ولم توضح فيما إذا كان وزير الخارجية الأرميني سيذهب إلى جنيف لحضور للقاء رؤساء مجموعة مينسك.
القصف مستمر
على الصعيد الميداني، نقل مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية أرمينية أن القصف الأذري تجدد على مدينة ستيباناكيرت، عاصمة إقليم ناغورني قره باغ.
وأضاف أن القصف الصاروخي والمدفعي تجدد على مدينة شوشي المجاورة، وأدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين.
وكان الجيش الأرميني قد أعلن مقتل 60 عسكريا أذريا وتدمير عشرات الآليات والأسلحة الثقيلة خلال صدّ هجوم للقوات الأذرية على مدينة جبرائيل جنوب شرقي قره باغ.
في المقابل، قالت مصادر بوزارة الدفاع الأذربيجانية إن عمليات الجيش الأذربيجاني مستمرة على كل الجبهات.
وأوضح مراسل الأناضول أن منظومات الدفاع الجوي للجيش الأذربيجاني أعاقت هجوما أرمينيا بصواريخ بعيدة المدى على مدينة هيفلاه، حيث جاء الهجوم عقب استهداف خط أنابيب “باكو تبليسي قارص” لنقل الغاز الطبيعي مساء الثلاثاء.
ولجأ مواطنو القرى الأذربيجانية شرقي إقليم قره باغ إلى المدارس للاحتماء من القصف الأرميني، حيث تتعرض قرى منطقتي أغجة بدي وآغدام لقصف مستمر منذ بدء المعارك في 27 سبتمبر الماضي.