عندما تسمع كلمة “الحرب” فماذا يدور ببالك؟ هل التحمس للقوة والعنف؟, أم تذكر الدمار وقتل وتشريد الأبرياء؟
أتمنى أن تكون مرتبطة بالأخيرة فهذه هي الإنسانية، أن تدرك أن الحرب لا تفيد مهما كان العدو ومهما كان المنتصر، فالحرب لا يمكنها أبدًا أن تؤدي إلى سلام حقيقي، الحرب لا تؤدي إلا للدمار وقتل الأحلام والآمال. إن الأموال التي تنفق على الحروب لهي كافية لأن تعمر كل بقعة في هذه الأرض بدلًا من تدميرها وجعلها خرابًا، تكفي جدًا ليتقدم هذا العالم وينهض فكريًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وتكفي لبناء المدارس لتعليم الأطفال ما هي المحبة والتسامح واحترام اختلاف الآخرين بدلًا من تعليمهم الحرب والكراهية وازدراء الآخرين لجنسهم وعرقهم ولونهم، هذه الأموال أجدر بها أن تنفق على ملايين لا يجدون ثمن الدواء بدلًا من إنفاقها على صناعة القنابل وغيرها التي تقضي على مئات الآلاف.
إذن فلماذا يخوض العالم هذه الحروب وهو يعلم جيدًا كم الدمار المادي والمعنوي التي تسببه، وهو يعلم جيدًا أن أفضل سبيل للسلام هو “السلام”؛ إن ذلك يخضع لشيء واحد هو أننا بشر ولسنا ملائكة.
(الدمار الذي خلفته ولاية غرب دارفور الجنينة)
“لم يخلق الله وحشًا أسوأ من الإنسان، ولم يخلق الإنسان وحشًا أسوأ من الحرب”.
إن الأنانية دافع سخيف لكي تشن حربًا وتدمر كل ما هو أخضر، فالأنانية لا تعطي اعتبارًا للأرواح البريئة، ولا اعتبارًا بأن هناك أمًّا تنتظر ابنها حتى يقبل يدها ويتناول معها طعام العشاء، ولا حتى بأن هناك طفل ينتظر عودة أبيه، وفتاة تنتظر جوابًا لن يصل، لا يعطي اهتمامًا إلى رسومات طفل بريء مختلطة بالدماء. الأنانية تبلدك ولا تجعلك تشعر ما سيشعر به الآخرون. الأنانية تكون عندما يمتلك طرف في الحرب القرار بوقف هذه الحرب أو عدم دخولها من الأساس ولكنه يعاند وبعنده هذا يقتل الآلاف. إن الجبناء هم الذين يعلنون الحروب لأنهم يعلمون جيدًا أن سبب خوض هذه الحرب ليس من حقهم أصلًا، ليس لهم الحق في هذه الأرض مثلًا التي يتصارعون عليها.
لقد كُرمنا بالعقل حتى لا نتساوى مع الحيوانات – مع أن الحيوانات بفطرتها أكثر إنسانية ورحمة منا، وحتى نعقل الأمور جيدًا وندرك أن الحرب والدمار لا يفيد أبدًا، ولكننا مع ذلك نضرب بهذا العقل عرض الحائط ونختار أن نتساوى مع الحيوان بإعلاننا خوض الحروب، العقل موجود لنفكر ونتوصل إلى أن هذه الحياة لا تستحق أن نعيشها في صراع وحروب ودمار، فهذه الحياة تُعاش مرة واحدة فقط!
صورة من غرب دارفور الجنينة
قتل طفلان من أبناء الرحل
البشر يكرهون إلى حد الخراب:
الكراهية تولد العنف وهذا العنف نتيجته الحتمية هي الخراب، إن الذي يشن حربًا لم يعرف معنى الحب والسلام، فقد انتُزعت الرحمة من قلبه، تعميه الكراهية فلا يفكر في عواقب الحروب الوخيمة فهو يفضل أن يقتل الملايين على أن يكون مهزومًا بداخله، كراهيته للآخر ورغبته في البقاء تدفعه لفعل أي شيء وكل شيء ضد الإنسانية.
“دائمًا ما يتخذ الكبار قرار الحرب ولكن الصغار هم من عليهم خوض الحرب والموت فيها”.
البشر متجردون من الإنسانية:
إن من يحارب يكون متجردًا من إنسانيته، لا يشعر بأن الإنسانية ترغب في العيش بحرية وسلام، ولا يعرف أن الإنسانية تكره أن ترى الدماء. إن الذي يحارب يظلم معه أناس يريدون السلام وكفى، يريدون أن يعودوا إلى ديارهم، يجتمعون مع عائلاتهم، يقصون النكات ويضحكون ويمرحون بدلًا من أن يكونوا طرفًا في حرب لن يدفع ثمنها سواهم.
ما زلنا في عام 2020وهناك حروب ودمار حولنا وكأننا نعيش في الجاهلية، بل أسوأ من ذلك. تقدم العالم ولكن أفكارنا عن السلام لم تخط خطوة واحدة. السلام غاية ربما لن تُدرك ولكن يمكننا تحقيقها في أنفسنا، كما قال غاندي: “كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم”.
إذا أردت السلام فلتتصالح مع نفسك ومع الآخرين، وإذا كانت لديك الفرصة لتوقف حربًا وتزرع أملًا فلتفعل ذلك ولتكن أنت السلام.