محمود جلال
مما لا شك فيه أن الهدف من الحملة الكيزانية مدفوعة الأجر، التي تستخدم فيها ضابط الشرطة لدى لجنة إزالة التمكين، عبد الله سليمان، هو مساواة القوى الديمقراطية بهم فيما يتعلق بالفساد. وهذا رابع المستحيلات. هؤلاء الكيزان الفاسدون يعلمون تماماً أن ما تتفوق عليهم فيه القوى المدنية والديمقراطية في السودان هو النزاهة، الشفافية، والاستقامة الأخلاقية. لذا يريدون القول: “كلنا في الفساد شرق أو لص”، وذلك عبر استغلال ظروف عبد الله سليمان (أبو خجيجة) المادية، وضيق عيشه، و”وسع ذمته”. فهو، مثل أي “بوليس” في السودان، يمكن أن يُشترى بوجبة فول- مع احترامي لأي بوليس سوداني نزيه لم التقي به في حياتي !
ما يؤكد هذا هو أن اتهاماته لم يسلم منها حتى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك. ذلك الرجل الذي مهما اختلف الناس عليه، فإنهم لا يختلفون حول تهذيبه، أدبه الجم، نظافة يده، وعفة لسانه. وقد أضحكني الشرطي (أبو خجيجة) حين أتى على ذكره؛ إذ نظر إلى أسفل وقرأ من الورقة التي أعدها له الكيزان سلفاً، ثم قال: “حمدوك استلم 40% من القروش”. وكأن هذه “القروش” المُدعاة ميزانية معروفة، لا بد أن السودانيين يعرفون بالضرورة كم تساوي هذه الـ40% التي كتبها له الكيزان ! كم تساوي 40% من الجنيهات عدًا ونقداً يا أبا خجيجة؟!
هذا الشرطي لم يسلم منه حتى الرجل الصوفي الورع، عبد اللطيف عثمان، الذي كان وقتها مفوضاً عاماً للجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي. وقد ترك الرجل في خزائن الجهاز بعد انقلاب اللصوص الكيزان وبرهانهم في أكتوبر 2021 تريليونات لا تعد ولا تحصى من الجنيهات مع ملايين الدولارات. تكالب عليها جبريل ورهطه من اللصوص، فجعلوا الجهاز خاوياً على عروشه خلال ستة أشهر فقط من الانقلاب. هذا بخلاف آلاف العقارات والقطع السكنية التي باعها جبريل وكوكو وبشارة سليمان ومن معهم من لصوص عصابة (العدل والمساواة).
فهل يمكن لمن ترك هذه التريليونات أن يمد يده إلى “ملاليم” التمكين يا (أبا خجيجة)؟
ثم، أليس أعضاء هذه اللجنة، من لدن صلاح مناع، وجدي صالح ، طه عثمان وغيرهم، هم أنفسهم من أقسم “ياسر العطا” بنزاهتهم؟! هذا مع الأخذ في الاعتبار أن “العطا” فاسق لا تُقبل شهادته، إلا أن استقامتهم لم تترك له خياراً آخر سوى النطق بالحق. فأعضاء لجنة إزالة التمكين – وأقصد هنا اللجنة العليا واما ما دونهم فربما بينهم لصوص والدليل وجود هذا الشرطي نفسه -، أولئك كانوا أبعد من أي شبهة أو جُنحة. حتى الكيزان، عندما حاولوا التشكيك في أمانتهم ونزاهتهم، لم يجدوا سوى شاشة تلفاز ليرموا بها “وجدي صالح”. لكنها، في نهاية المطاف، سقطت على رؤوسهم وهشّمتها تهشيماً.
ثم إنك، يا “أبا خجيجة”، يكفيك عاراً أنك كنت (بوليس) في عهد الإنقاذ. وهذه وحدها شبهة لا تجعل شهادتك مشكوكاً فيها فحسب، بل تجعل الناس يشككون في إنسانيتك كفردٍ يُفترض أن يكون له عقل وقلب وضمير.
الأنكأ والأمرّ من كل ذلك، وهو مما يعلمه الشعب السوداني بالضرورة، أن لجنة إزالة التمكين تم حلها بانقلاب أكتوبر 2021. فكيف لك أن تصمت أربع سنوات على كل قصص الفساد “المهولة” التي تحكيها هذه طوال تلك السنوات؟ خصوصاً أن ما ادعيت أن اللجنة اختلسته هو (مال عام)، وأنت شُرطي أقسمت بحماية المواطن وعرضه وماله!
وأخيراً، هل نأمل منك، يا أبا (خجيجة)، أن تسجل لنا حلقة واحدة فقط تسلط فيها الضوء على موضوع فصلك من الشرطة مرتين؟ مرة في عهد الكيزان اللصوص، وأخرى في عهد حكومة الثورة. فقد أصبحتَ في مرتبة وضيعة أدنى حتى من مرتبة العميل “كيكل”، الذي قال عنه الكيزان بعد صفقة رجوعه إلى أحضانهم إنه “عزيز في الجاهلية وعزيز في الإسلام”. وصدقني، يا (أبا خجيجة)، سيأتي قريباً اليوم الذي سيقول فيه عنك، ليس الكيزان وحدهم بل السودانيون جميعاً، إنك كنت وضيعاً وتافهاً في الجاهلية وفي الإسلام معاً.
هذا باختصار هو الضابط الرخيص، عبد الله سليمان “أبو خجيجة”، الذي ملأ الفضاء كذباً وضجيجاً. وهو نموذج إنقاذي ساطع لشرطة اللصوص، اشتراه لص إنقاذي كبير في القاهرة مقابل وعد بإعادته إلى الخدمة، وجنيهات لا تقمن صلبه الكبير، مع دفع إيجار شقة نائية في القاهرة وشراء بدلة رديئة رخيصة، وفتات طعام يُرمى له من مائدته الواسعة التي عمرها بسرقة أموال الشعب!
وختاماً، أقول: من رأى منكم هذا الشرطي الوضيع الرخيص، فليبصق على وجهه. وإن لم يستطع، فلـ”يبعبصه” بيده. وإن لم يستطع، فليقل له بلسانه:”كم قبضت من إبراهيم الخواض يا أبا خجيجة مقابل لعب هذا الدور الرخيص”، وهذا أضعف الايمان.
الكتابة شرف وهي فروسية لا تكتمل إلا بقوة الخصم. والناس تتباهى بخصومهم، ولا يعقل أن يكون خصمي وسط كل هذا الهوان الماثل، هو (أبو خجيجة)!