ما جرى في الزرق بولاية شمال دارفور من مجازر مروعة، شملت إبادة الأطفال والنساء وحرق البيوت والمرافق الصحية، ليس مجرد حادث عرضي أو نتيجة للفوضى المستعرة، بل هو فعل عنصري بغيض يكشف عن الوجه القبيح لحركة مناوي ومجلس شورى الزغاوة الذي بات يديره جبريل إبراهيم. هؤلاء الذين تحولوا إلى أدوات بيد مجموعة بورتسودان لتنفيذ خطة خبيثة تهدف لتحويل الحرب في دارفور إلى صراع أهلي يلتهم الأخضر واليابس حتي يتحكوا بمقاليد الأمور والاستمرار في الحكم مثلما ظلت تستمد دولة المركز استمراريتها على دماء واشلاء السودانيين.
المعلومات المؤكدة تكشف عن اجتماع مشترك في مطلع اكتوبر المنصرم ضم قيادات من الحركة الإسلامية والاستخبارات العسكرية مع مناوي وجبريل ومجلس شورى الزغاوة، الذي أصبح ملاذه ومركز تخطيطه مدينة بورتسودان. هذا الاجتماع لم يكن عابراً، بل خُصص لترتيب مؤامرة شيطانية تستهدف ضرب إحدى البوادي العربية، عبر حرق وقتل النساء والأطفال، بغرض استفزاز المجموعات العربية ودفعها للرد بالمثل. هدفهم واضح: تأجيج حرب أهلية شاملة في دارفور، يخططون لها منذ شهور طويلة بكل خسة ووقاحة.
أية دناءة تلك التي تدفع بشخص إلى إشعال نار الحرب ضد أهله وشعبه؟ أي انحدار أخلاقي يجعل من مأساة شعبه وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية تضمن له البقاء في السلطة؟ مناوي وجبريل اليوم مثال صارخ على هذه الخيانة الوطنية والإنسانية. إنهما لا يقتلان فقط الأبرياء، بل يتاجرون بدمائهم بعد ذلك، ليستخدموا مأساة الضحايا كورقة لهم للاستمرار في السلطة.
إن ما يحدث اليوم ليس سوى نتيجة طبيعية لعقود من التحالفات المشبوهة بين قيادات الحركات المسلحة ودوائر الاستخبارات والمصالح الخارجية، حيث أصبح الإنسان الدارفوري مجرد أداة تُستخدم لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة. أبناء دارفور اليوم، عرباً كانوا أو زغاوة أو من أي مكون آخر، هم الضحايا الحقيقيون لهذه المؤامرات، التي تسعى لتدمير النسيج الاجتماعي وتحويل دارفور إلى ساحة دمار لا تنتهي.
إن التاريخ لن ينسى ولن يغفر لهذه القيادات التي اختارت أن تكون أداة تستخدم لتدمير اهلهم بدلاً من أن يكونوا صوتاً للعدالة ورافعة للسلام. ما يحدث الآن يستدعي موقفاً موحداً من جميع أبناء دارفور والسودان عموماً، لكشف هذه المؤامرات. فلا بقاء لجبريل ومناوي على جثث الأبرياء، ولا سلطة تُبنى على دماء النساء والأطفال.