كل يوم نزف جديد ، كل ساعة جرح اعمق من ذي قبل ، كل برهة مأساة تلو مأساة ، كل إسبوع نزوح وتشرد ، جثث بالمئات نراها كل يوم ، أرواح بريئة تصعد إلى بارئها عمدا ، ليس بزلزال أو بركان أو عاصفة او فيضان وإنما بأيدي بعضنا أي وربي بأيدي بعضنا.
ما زلنا نقتتل تحت رداءالقبلية والجهوية والعنصرية البغضاء والعمياء .
لا يدري القاتل فيما يقتل ولا المقتول لما قتل.
ننساق كما ينساق القطيع ، لا احد يفكر قبل المعركة ، نخرج ونحن نحمل أسلحتنا ونحمل قبلها قلوب ملؤها الحقد والكره والغبن والحسد ، ننسى كل لحظة ود جميلة قضيناها مع بعض ، ننسى تلك المحطات التي وقفنا فيها في السراء والضراء ، لا والأدهى والأمر لا أحد يتذكر صلة الدم ، فكم من خال قتل إبن اخته وكم من نسيب قتل زوج إبنته وكم وكم وكم ….ااااااااه يا دارفور اااااااه !!!!
لا سلام ننتظره من إتفاقيات الغرف المغلقة ، السلام نصنعه نحن ونهبه نحن ونحافظ عليه نحن ويا للأسف ، قد فقدناه وودعناه وغادر ولم يعد.
يا عيال دارفور أقتلونا كلنا ما تخلوا فينا ولا إمرأة حتى الطفلات أقتلوهن فلعمري سوف يكبرن ويعانين ما نعانيه ، فالموت ارحم ، فنحن من نتألم ونحن من نترمل ونحن من نُثكل .
أقتلونا ومن ثمّ إقتتلوا فحينذاك لن تجدوا من تدفن رأسها في الرمال حزناً ، ولم تجدوا من تشق الجيب قهرا وألما ، ولم تجدوا من تحبس نفسها أربعة أشهر وعشرة أيام لتقضي العدة في زوجها ولم تجدوا من تفقد بصرها من الدموع كظما من فقد إبن. لأن من يحمل لها قميص البشرى مشغول بقتل أخيه.
أقتلونا لنترك لكم هذه الأرض التي ضاقت بكم .
أقتلونا وأقتلوا كل صلة دم ربطتنا يوما، أبتروا كل الأيادي التي تصافحت واكلت من إناء واحد .
أفصلوا هذه الأعناق لطالما حملت رؤوسا خاوية ، إخلعوا هذه القلوب لطالما عمّيت وزاغت بصيرتها.
إقتلوا هذه النفوس التي لا تحمل سلاماً ولا عدلاً ولا خيراً ولا نوراً ولا رحمة ولا شفقة ولا مخافة من رب العباد.
ولا أقول لكم : أزيلوا هذه الأرحام لطالما عجزت عن حمل حكيم يوقف هذا النزيف فالكل مشغول بإغتنام أكبر فرصة ليكتنز المال والجاه والسلطان ولو كان الثمن دماؤنا والامنا واحزاننا ومعاناتنا.
إقتلونا لتستتر تلك العروض التي لا زالت تُهتك وتغتصب ، إقتلونا لترتاح تلك التي تقضي الليل وهي تئن وحيدة لقد فقدت رفيق دربها (سمبلة) ، وتلك التي اضناها فراق إبنها فإشتعل الرأس شيباً ، والأخرى التي لم تجد أخا يسندها فتلاطمتها امواج الحياة يمنة ويسرى فخار قواها وكادت ترتطم بالأرض لولا يقينها وصبرها.
يا رب أنا أكتب وانت اعلم بحالي ، شردت الكلمات وعصتني الحروف .
لا أدري أأبكي نفسي أم أبكي بلدي أم أبكي أبناؤك يا دارفور؟؟
بُح صوتنا ونحن ننادي ، إرحموا دارفور ، إرحموا بعضكم ، إرحموا الوطن ، إرحموا حواء ، إرحموا الأطفال، إرحموا انفسكم ، وفي كل صراخ لم نسمع سوى الصدى.
رباه قد عجزنا
رباه قد عجزنا
رباه قد عجزنا
يا الله قد رحل السلام منا
يا الله أرسل غرابك ليواري سوءاتنا
يا الله خذنا إليك فإن النفس قد كرِهت ، والروح قد وصلت الحناجر كاظمة .
والأرض قد روتها دماء عبادك وتوشحت بالحمرة والسماء إسودت .
أبناء دارفور
أما كفتكم هذه الارواح التي زهقت؟
اولم تملوا هذه الحروب؟
اما آن لنا ان نفكر مليا في مستقبل هذه الديار وإنسانها .
اما حان وقت ان نعود كما كنا نقبل بعضنا ونتعايش بكل محبة وسلام ووحدة؟
إذا كانت الإجابة بلا ( فأقتلونا ) فقد فقدنا رغبة العيش.
الرحمة والمغفرة للشهداء الأطهار
وعاجل الشفاء للجرحى والمصابين.
والصبر والسلوان لنساء دارفور ولا عزاء لسواهن.
أوقفوا نزيف الجنينة





