بقلم / حامد النصيح
عندما تجرد قلمك ليعبر عن رأيك في قضية رجل الاعمال فضل محمد خير ، فيمكن ان تُصنف سريعا من قبل المعسكر الذي يرفض لغة القانون، بأنك من الفلول أو الكيزان الخ.. من هذه الاتهامات الهلامية.. كما يمكن ان يتم تأويل إي من سطورك التي تكتبها كدفاع عن أي قضية تراها تحتاج لإنصاف وعدل وفق نصوص القانون كالقضية أعلاه، حيث اصبحت (قحت) تحسب كل صيحة عليها، خاصة إذا اشتموا ما بين السطور ما يشي بالانتقاد والتصويب ، لكن يا (جماعة) المسألة ما بهذا الفهم (المحنط)، ونحن الأن نتحسس خطانا على درب دولة القانون وحرية الراي والرأي الآخر بشئ من الجرأة، فكان لابد من وجود رأي ورأي آخر، فالوطن للجميع.
ولا تتوقعوا منا ان نسترسل في هذه القضية التي وجدت حظها من الانتشار وقتلت تداولاً من قبل كثير من اصحاب الاقلام وايضاً من قبل حاملي السيوف الجاهزون للفتك بالناس بغير دليل ربما.
ان تداول هذه القضية وغيرها من القضايا التي أُسندت للجنة ازالة التمكين، توحي لنا بتناول كثير من النقاط والتي تحتاج لمعاجلة، حتى يمكن ان تعود الامور على نصابها وتنتظم في مسارها العدلي، كما ان مثل الاجواء السائدة الآن والتي اطلقتها تلك اللجنة من عقالها لا تساعد السودان على العبور للدولة المدنية التي ينشدها الجميع، إلا إذا تم نبذ الخلافات وتقبل الأخر ، معتمدين على هذا المبدأ الشفاف (رأي صواب يقبل الخطأ.. ورأي غيري خطأ يقبل الصواب)، كما أنه في ذات الوقت تصاعدت أصوات كثيرة ونبعت رؤى واعية تطالب بالمصالحة الوطنية التي أصبحت تمثل ضرورة وتندرج تحت شعارات الثورة المجيدة ، ولكن يبدو ان الآليات التي إنتهجتها الحكومة الانتقالية ومن وراءها قحت لا تساعد كثيراً للإستماع لتلك الاصوات الوطنية، ومن تلك الآليات، لجنة ازالة التمكين، وهي تمثل كلمة حق أنتجت لنا واقعاً مغاير لما أردناه في كثير من قراراتها، ومواقفها، ومعالجتها لكثير من القضايا، التي تمس بعض فئات من الشعب، التي من حقها أن تنشد العدل والإنصاف في دولة ما يسمى بدولة القانون. ويندرج تحت تلك المطالبات بالضرورة معالجة مطالبة رجل الاعمال المذكور لاسماع صوته وأن تتاح لقضيته تداول قانوني وعدلي ، نقول ذلك ونحن لا نؤدي دفاعاً نيابة عن الرجل فيجب ان تكون هناك جهات قانونية تدافع عنه اكثر من اي جهة ، فحن نحن معشر الصحفيين، لا نملك إلا التنبيه لمكامكن الخطأ وتصحيح الطريق لمن نكب الطريق وإستنهاض الجهات العدلية لتؤدي دورها اذا حدث إختلال قانوني في اي زاوية من زوايا حياة الناس، فيا ليت قومي في اللجنة يسمعون.
نعود للحكاية .. وهي حكاية رجل اوقعه القدر سابقاً بين مطرقة (صلاح قوش) والآن طريح على سندان (لجنة ازالة التمكين) فقد صدورت ممتلكاته كما علمنا، وهو يبحث عن العدالة من بين أنياب اللجنة ، فقد كان حكم الانقاد أهون عليه مما بات يعاني منه الآن، ففي ذلك الوقت تم اجراء تسوية بينه وبين جهاز الأمن ، تسوية يدفع بموجبها ٥٠ مليون دولار هي اشبهة بالفدية. ، أما الآن قد تمت مصادرة كامل ممتلكاته ، من قبل جهة يفترض فيها الأخذ بالقانون ولا شئ غير ذلك، والذي يفترض ونحن ننحو نحو دولة القانون ان نعالج عن طريقه كل قضاينا صغيرها وكبيرة وعن طريق الجهات العدلية المنوط بها تطبيق هذا القانون.
عندما شعر أصدقاء وعشيرة رجل الاعمال ذلك ، أنه قد لحق به هضم من قبل اللجنة، وسدت امامه كل الطرق المؤدية للتعبير عن تظلمه لجأوا لرفع مذكرة احتجاج لمجلس السيادة، وحتى هذا الحق في التعبير الرمزي تم ملاحقته بإستنكار وشجب شديدين، فقد قال وجدي صالح في حقه وفي حق من اراد ان يستمع لصوته، ما لم يقله مالك في الخمر، اراد ان يصادر الحق المدني المكفول له في التعبير والاحتجاج، في الوقت الذي فيه خرقوا أذاننا بالمناداة بدولة القانون والتبشير بحرية الرأي !! طيب أين القانون؟ وأين حرية الرأي؟ التي تغنوا بها كثيراً. صدقوني أيها القوم إننا نسير في طريق إفراغ الثورة من شعاراتها وجل معانيها، وبأفعال لا تشبها ، ستجردها بذلك من مضامينها السامية التي قامت من أجلها، عليه نعتقد ان ثورة الشعب قد شابها كثير من التفريط ولم تجد ايد حانية تأخذ بها لبر الأمان، حيث اصبحنا نرى كثير من مثل تلك الممارسات اللاقانونية ، التي لا تشبه مبادئ الثورة ومضامينها السامية والتي أصبح تطبيقها أقرب لعمليات التشف والانتقام من فئة من فئات الشعب ربما أخطأوا ولكن الخطأ لا يعالج بخطأ آخر، فإذا وجد من افسد (وفق تعريف قانوني واضح) يجب ان يقدم للجهات العدلية ليطبق عليه القانون الذي لا يحابي أحد ولا يعترف بأي حكم خارج إطاره، ولكن من اراد ان يأخذ القانون بيده ويطبقه بحسب هواه ومعتقده ومبادئه الخاصة، فهذا بلا شك امر مرفوض جملة وتفصيلاً لأنه يعيق طموحات الشعب في إقامة الدولة المدنية دولة الدستور.
لا نريد ان نسترسل فيما آلت إليه لجنة إزالة التمكين من مآلات ستقود حتماً لمخاطر جمة، منها استبدال التمكين بتمكين آخر، خاصة إذا علمنا ان هذه اللجنة تنفر من النقد الموضوعي ولا تريد ان تستمع للرأي الآخر (سدت دي بطينة ودي بعجينة)، فهذه المآلات قد تعيدنا (لا قدر الله ) للمربع الاول… وحتى لانعََد لذلك المربع ليس من خيار غير أن يضطلع القضاء السوداني بمهمامه عوضا عن لجنة إدارية مختلف حولها حتى من قبل كثير من أركان الحكم.
والله من وراء القصد





