قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية (Le Figaro) إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعامل مع المرض كما يتعامل مع حياته جميعها ورئاسته بأكملها وحملته الانتخابية بكل تفاصيلها، بالهجوم والمجازفة.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب، في الوقت الذي كان فيه سكان العالم يتساءلون عن حالته الصحية، وتنتقد فيه وسائل الإعلام الأميركية الأطباء باعتبار أنهم يخفون أشياء عنهم، خرج هاربا لبضع دقائق من مستشفى والتر ريد حيث كان هناك منذ مساء الجمعة، ليقدم “مفاجأة صغيرة” لمئات المعجبين الذين جاؤوا لدعمه خارج المبنى.
واستمرت الخرجة -كما تقول الصحيفة- دقائق قليلة، لوح خلالها الرئيس الجالس خلف نافذة سيارته الليموزين للجمهور، في رسالة تقول بكل وضوح إنه كان حيا، بل حيا جدا، ومقاتلا قويا، جاء لمشاركتهم ذلك لحما ودما.
وبالطبع -تقول الصحيفة- لا أحد يعرف كيف ستنتهي معركة ترامب مع كوفيد-19، خاصة أن هذا الفيروس كثير التقلبات والمنعطفات، وقد جعل الحكام والمواطنين في جميع أنحاء العالم يشعرون بالجنون، إذ يعود للظهور كلما ظن العالم أنه تراجع.
ويقول ترامب إنه تعلم “الكثير من الأشياء” عن هذا الفيروس الغريب منذ مرضه، وهو يدرك جيدا أنه لا يأتي حسب التوقع، وإن كان أطباؤه أعلنوا استعدادهم لإعادته إلى البيت الأبيض مساء الاثنين، بسبب تحسن ملحوظ في حالته.
غير أن المثير للدهشة في خضم هذه العاصفة الطبية كما تقول الصحيفة، هو أن الرئيس الملياردير يتفاعل ويتعامل مع المرض كما يتعامل مع سائر حياته ورئاسته وحملته الانتخابية بأكملها، بالهجوم والمخاطرة، وذلك من أجل إظهار القوة والحيوية والتفاؤل في وقت الضعف، ودحض انتقادات الديمقراطيين الذين يرون أن الرئيس يجني ثمار عدم قدرته على التعامل مع الفيروس بجدية وعدم إدارته بمسؤولية.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه حملة المرشح الديمقراطي جو بايدن أنها -على عكس ترامب- تحترم الأقنعة والتباعد الاجتماعي، سجل الرئيس المشاكس -بحسب تعبير الصحيفة- مقطع فيديو يوم السبت، يقول فيه إنه ليس لديه “خيار” في مواجهة الفيروس.
ويقول ترامب -الذي بدا وجهه شاحبا- بنبرة إيجابية “كان بإمكاني أن أبقى محبوسا في البيت الأبيض دون أن أذهب إلى المكتب البيضاوي أو أتحدث مع الناس، ولكن هذا مستحيل لأن هذه هي أميركا، أكبر دولة في العالم”.
وأضاف “لم أستطع البقاء في مأمن وأنا أقول ما سيحدث سيحدث. لم يكن أي قائد عظيم يفعل ذلك. لا بد من مواجهة المشاكل”، وبهذه الطريقة الجوفاء ينتقد ترامب خصمه بايدن -كما ترى الصحيفة- حيث يضع الحيوية والطاقة في حملته الخاصة واجتماعاته الكبيرة المليئة بالإثارة، في مقابل “الخرجات الخجولة والمقننة” لخصمه الذي يرتدي “أكبر كمامة لم أر قط مثلها”.
وخلصت الصحيفة إلى أن ترامب بإصراره على نهجه، قدم فلسفته عن الحياة على أنها مبنية على المجازفة، تاركا مجالا للحرية الفردية بدلا من الخطط الوطنية القادمة من أعلى.
وبنفس الطريقة بالضبط، دعا ترامب إلى العودة إلى العمل والمدرسة على الرغم من الفيروس، على أساس أن الحياة “يجب أن تستمر” ويستأنف الاقتصاد نشاطه، واستنكر خلال المناظرة الرئاسية قائلا إن “بايدن يريد وقف كل شيء لكن الأمر أشبه بالسجن”، محذرا من انهيار اقتصادي.