هذه هي السّاعة التي يجِبُ أن تتوحّد فيها إرادة كّل السُّودانيّين ، والتي يجب أن يضعُ فيها الجّميع خلافاتَهم خلف ظهورهم ؛ لقد آن أوان تلبية نداء الوطن الذي تتعرّض حدوده الشّرقية لإعتداءات سافرة من قبل الطامعين في التمدّد وتوسعة أراضيهم الزراعية على حساب أرضنا وشعبنا ؛ وجب علينا أن نتوحّد اليوم وإلّا فإن الخطرَ سيظلّ قائماً متربصاً وسوف تمتد عين الطامعين الى ما هو أبعد مما تم طردهم منه .
لقد أثبت جيشنا أنه حامي العرض والأرض وحامي الحِمَى ، وأن جنودنا البواسل لن يسمحوا لكائنٍ من كان أن يتعدّى على حدودنا ، نعلم جميعاً ان السّاسة في عهود مضتْ كانوا يغضّون الطّرف عن مثل هذه الأمور حتى توطَّن في عقول المُعْتدين إنّ ما يقومون به هو الحق ، وإن ما إستولوا عيه بوضع اليد هو الذي يجب أن يكون ، ولكن هيهات فقد كان جنود الوطن بالمرصاد هذه المرّة ، صدّوا العدوان وطهّروا الأرض من دنس الغزاة لصوص الأرض ، وقدَّموا الشهداء الكرام حفاظاً على هذه الأرض الطاهرة وإنسانها النبيل ، وقدَّموا الدروس لمن إنشغلوا بأنفسهم ومصالحهم عن هذا الوطن ، وكشفوا ضعف النفس البشرية امام شهوة السّلطة والحكم لدى بعض من يتولّون الشأن العام .
أراد بعض السّياسيّين الفاشلين إستغلال النّقاء الثوري والطُّهر السّياسي في نفوس أبنائنا ليحوّلوا خلافاتهم السّياسيّة وسعيهم غير الرّشيد للسُلطة ، أرادوا أن يحوّلوه إلى معركة شوارع وإشعال نيران في الطرقات من أجل مكاسب سِياسيّة لا تُسمِن ولا تُغْني عن جوع ، وهم يعلمون إلى أي منقلب ساقوا هذا الوطن ، وحاولوا أن يضعوا الحواجز بين شبابه وبين قواته المسلحة التي هي حامية الحمى التي يجدها المواطن ساعة الجد بينما يفرّ كثيرٌ مِمَن يتاجرون الآن بإسم الوطن وبإسم المواطن .
تمنّيت حقيقةً لو أن حزباً حقيقياً واحداً نادى عضويته للتطوع مع قواتنا المسلحة ، أو إستنفر النّاس _ كُلّ النّاس _ للدفاع عن تراب هذا الوطن الذي إن ضاع ضِعْنَا وإن وهَن يوماً ما سيصيبنا الوهن جميعاً ، ويكفي ما نراه اليوم من عدم إستقرار في المنطقة وهو ليس ببعيد عن حدودنا ، يكْفي ما يحْدُث في ليبيا والصّومال ، ويكفي ما نشاهده ونتابعه ونسمع عنه في اليمن وسوريا وكثير من دول الجوار الأفريقي والاقليمي .
نعم .. كنا نتمنى ان تنطلق دعوة وطنية حقيقية وخالصة من أحزابنا السياسية تنادي بمساندة جيشنا في هذه اللحظات العصيبة ، كنا نتمنى ان تتم دعوة الشّباب النّقي الطّاهر إلى الإلتحاق بالجيش الآن حتى ننمّي فيهم روح الثورة والوطنيّة الحقيقيّة بدلاً عن إستغلال براءتهم السّياسيّة وطهرهم الثوري في خلافات تعمّق الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، ومع ذلك لا نخفي إعجابنا بالدّعوات الوطنية الصّادقة النّابعة من بعض الحركات المُسّلحة ودعمها للجيش السوداني ، ودعم بعض القبائل المعلن للجيش ، وكنا نتمنّى أن نجدّد مفهوم الخدمة الوطنية دون تسييس ، فالحزب لعضويته لكن الوطن للجميع ، وكم تمنينا أن يكون لنا هناك بالفعل جيش عرمرم من المتطوّعين الذين يقضون خدمةً وطنيةً حقيقية ، يدفعون بها جزءاً من ضريبة الوطن ، حتى نرهب عدوّنا من الأنظمة الكالحة المترديّة الظالمة ، فنحن نعلم تماماً إن الشعوب في كثير من الأحيان لا ذنب لها في ما يقوم به المتآمرون والمغامرون من قيادات جاءت بهم الصدفة إلى مقاعد الحكم ، ويحاولون أن يغطّوا على فشلهم في إدارة شؤون بلادهم بالتعدّي على الآخرين الذين فتحوا حدودهم ومدنهم وقراهم ومزارعهم لجيرانهم الذين يعانون العسف والظلم من قِبل أنظمة مترنحة تحاول أن تفتعل المعارك لتشغل شعوبها ، وهي تعلم أنها الخاسرة في نهاية المطاف .
الله أكبر ولا نامت أعين أعداء الوطن .