:: يوم السبت، نقلاً عن مدير مستشفى الولادة بأم درمان (الدايات)، كتبت الصحف، بما فيها صحيفتنا هذه، خبر وفاة مولود وانفجار رحم إحدى السيدات بمستشفى (الدايات).. قدّر الله وما شاء فعل، ونسأل الله أن يجعله سلفاً لوالديه وفرطاً وأجراً، وحمد الله على سلامة الأم.. ولكن المؤسف أن مدير المستشفى – الدايات – استغل هذه المأساة استغلالاً غير كريم، بحيث ربطها بإضراب نواب الاختصاصيين..!!
:: وقال الدكتور حامد مبشر – مدير الدايات – بالنص: (تنقلت الأم إلى عدد من المستشفيات، ولم تجد خدمة، مما أدى إلى انفجار الرحم ووفاة الجنين)، ثم لوّح بإخلاء مسؤوليته عما يحدث، وطالب بتدخل المسؤولين.. وما نشرنا تصريح المدير إلا إيماناً بأن الخبر مقدس والرأي حر.. فالتصريح – للأسف – غير مسؤول وغير صحيح، إذ لا علاقة بين وفاة المولود وانفجار رحم والدته وإضراب نواب الاختصاصيين..!!
:: ليس بنواب الاختصاصيين وحدهم تلد النساء، أو كما يخدع المدير الرأي العام، بل هناك آخرون يجب أن يكونوا بالمشافي على مدار اليوم.. غير الاستشاري، فإن وجود الاختصاصي بالمستشفى يجب أن يسبق وجود (نائبه)، وكذلك الطبيب العمومي، وطبيب الامتياز.. (السواقة بالخلاء) من مصطلحات ما بعد الثورة، ويُقال لمن يخدع الناس، ويليق بالسياسيين، وليس بالمهنيين الذين يجب أن يتحلوا بالموضوعية والمهنية في أفعالهم وأقوالهم..!!
:: وإن كانوا نواب الاختصاصيين في إضراب، فأين كان الاستشاريون والاختصاصيون والأطباء العموميون وأطباء الامتياز؟.. لماذا لم يتواجدوا في المشافي التي تنقلت إليها السيدة، بما فيها مستشفى الدايات؟، ولماذا لم ينقذوا رحم هذه السيدة من الانفجار؟.. وعليه، لو – فعلاً – انفجر رحم السيدة ومات المولود، فإن المسؤول عن الحادث هو التردي العام الذي تسبب في خلو المشافي من كل الكوادر الطبية، وليس فقط نواب الاختصاصيين..!!
:: والمسؤول عن انهيار النظام الصحي، لحد خلو المشافي من الأطباء والصيدليات من الدواء، ليس نائب الاختصاصي المُضرب، أو كما يلمح مدير الدايات.. فالحكومة بكل أجهزتها ومسؤوليها، بمن فيهم أمثال المدير – العاجز عن طعن الفيل – هي المسؤولة عن هذا الانهيار الشامل.. ولو أدت الحكومة واجبها تجاه القطاع الصحي بمسؤولية، لأدى كل الأطباء واجباتهم بذات المسؤولية، ولا يستقيم الظل والعود أعوج..!!
:: وغير بعيد عن نهج مدير مستشفى الدايات، يصف وزير الصحة المكلف أسامة أحمد عبد الرحيم، إضراب نواب الاختصاصيين بأنه (غير مهني وغير أخلاقي).. سبحان مُغيِّر الأحوال والأخلاق، من حال إلى حال، ومن أخلاق إلى أخرى.. وصدقت الحكمة الشعبية (الخطبوها وغيّرت شريحتا).. فالشاهد، قبل الثورة – وقبل أن يصبح من المسؤولين بالحكومة – فإن هذا الوزير المكلف كان (ملك الإضرابات)..!!
:: وكان يرصد ويترصد الثغرات الحكومية، لا ليسدها، ولكن ليضرب ويُحرِّض على الإضراب.. ويبدو أن الإضراب – عندما كان سيادته مجرد مواطن ومحض طبيب – كان عملاً مهنياً وسلوكاً أخلاقياً، ولم يعد كذلك بعد أن أصبح سيادته (وزيراً مُكلفاً).. هو يعلم بأن نواب الاختصاصيين لم يضربوا (فجأة)، بل طالبوا كثيراً، وناشدواً كثيراً، ثم أخطروه بالإضراب قبل أسابيع.. ومع ذلك لم يجتمع بهم، ولم يُحرك ساكناً، ربما ليُحاضرهم عن المهنية والأخلاق..!!
[email protected]