عندما تأكدت إصابة أقوى رجل في العالم بالمرض الأسوأ سمعة، على الفور تفاعل العالم مع الخبر بردود فعل كانت مزيجا من الصدمة والتعاطف والغضب والفضول والفرح المبطن.
وبمجرد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر أنه وزوجته ميلانيا أصيبا بفيروس كورنا المستجد، هيمن الخبر على الشاشات الكبيرة والصغيرة، وأدى إلى إرباك كثير من الخطط.
ومن المكاتب الرئاسية إلى حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، أثار الخبر تعليقات لا حصر لها، وشغل الناس في مختلف أرجاء العالم.
ومن شأن إصابة رئيس أقوى اقتصاد في العالم أن تسبب المزيد من الريبة والقلق للمستثمرين، خاصة إذا رُبطت بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الثالث من نوفمبر المقبل.
وتفاعلت الأسواق المالية على الفور مع الخبر، فتراجعت أسعار العقود الآجلة للأسهم الأميركية، وهبطت الأسواق العالمية، وانخفضت أسعار النفط.
من جانبهم، سارع قادة العالم للتعاطي مع الخبر، وبدا أن هناك تعاطفا في القمة، في حين في مكان آخر كان هناك شيء أقرب إلى الشماتة.
وبات ترامب واحدا من عدد متزايد من القادة الذين أصيبوا بكورونا، وبينهم كثيرون عرفوا بسعيهم للتقليل من خطر الفيروس.
وفي رسالة مباشرة وجهها لترامب، كتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “آمل أن تتغلب على الفيروس بفضل حيويتك المتأصلة وتفاؤلك ومعنوياتك العالية”.
وعلى تويتر، كتب مدير عام منظمة الصحة العالمية ” تمنياني الخالصة للرئيس ترامب بالشفاء العاجل والكامل”.
وكانت إدارة ترامب أخطرت الأمم المتحدة في يوليو/تموز الماضي بانسحابها من منظمة الصحة العالمية، ومن المقرر أن يبدأ سريان هذا القرار العام المقبل.
ويزعم ترامب أن منظمة الصحة العالمية تخضع لنفوذ قوي من الصين، وبالتالي فإنه لا بد من إصلاحها.
أما زعيم المعارضة اليمينية في إيطاليا ماتيو ساليفيني فغرد على تويتر “في إيطاليا وفي العالم، كل من يفرح بمرض رجل أو أمرأة، ويتمنى الموت للجار، إنما يؤكد أنه أحمق، وبلا روح. عناق لميلانيا ودونالد”.
رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون -الذي سبق أن قضى أسبوعا في المستشفى لإصابته بالفيروس- تمنى أيضا لترامب شفاء سريعا وتاما.
ولكن مستشار جونسون لمكافحة الأمراض المعدية الدكتور بهارات بانخانيا غرد في اتجاه آخر، قائلا إنه يأمل أن تبعث إصابة ترامب رسالة لترامب نفسه ولغيره من القادة.
وكتب “نحن نريد من الرؤساء -خاصة أولئك الأقوياء مثل ترامب- أخذ هذا (المرض) بجدية، ودعم العلماء والأطباء لقيادة التعاطي مع الوباء، بدلا من توظيف النفوذ السياسي في محاولة إنكار” خطر هذا الفيروس تبعا لأجنداتهم ومصالحهم السياسية.
وأثناء مؤتمرها الصحفي الأسبوعي، قالت حاكمة طوكيو يوريكو كويكي إن “الخبر” يذكرها بأن الناس في اليابان يرتدون الكمامات على نطاق واسع، ولكنها لم تذكر ترامب بالاسم”.
ولعبت وسائل الإعلام العالمية دورا رئيسيا في جعل إصابة ترامب خبرا بارزا، وهيمن على شاشات التلفزيون في سول وطوكيو وبكين.
وفي الصين، أبرزت وكالة شينخوا الرسمية الخبر وأذاعه التلفزيون الرسمي، في حين لم يصدر تعليق فوري من مسؤول حكومي.
وفي الساعات الماضية، كانت إصابة ترامب وزوجته تتصدر المواضيع التي بحث عنها متصفحو تطبيق “وي بو” المستخدم على نطاق واسع في الصين، واتسمت معظم التعليقات بالتهكم والنقد.
وكتب أحد المعلقين ساخرا “أخير، ترامب يكتب على تويتر شيئا إيجابيا”.
وكانت الحكومة الصينية تستنكر محاولات ترامب إلقاء اللوم عليها وتحميلها مسؤولية نشأة فيروس كورونا الذي ظهر أول مرة في ووهان الصينية أواخر العام الماضي.
أما المحرر بصحيفة غلوبال تايمز المملوكة للدولة فكتب أن ترامب وزجته دفعا ثمن مقامرته وتقليله من خطورة فيروس كورونا المستجد.
وفي إيران، أذاع التلفزيون الرسمي أن ترامب أصيب بالفيروس، وبث صورة “بغيضة” للرئيس محاطا بما بدا أنه فيروس كورونا المستجد.
وشهدت العلاقات الإيرانية الأميركية مزيدا من التوتر، بعد أن انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي وقعته القوى العظمى مع إيران في 2015، وأعاد فرض العقوبات على طهران.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بردود الفعل السريعة والتساؤلات عما إذا كان ترامب سيلوم الصين، ويواصل إظهار عدم الاحترام لخصومه ومنتقديه أثناء خضوعه للحجر الصحي.
وتناولت التساؤلات احتمال تفاقم وضعه الصحي ووفاته، وماذا يعني ذلك للانتخابات الأميركية المقررة بعد شهر.
وفي حين طغى خبر الإصابة على مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف اللغات، عكست تعليقات البعض شماتتهم وبهجتهم بإصابة الرئيس الأميركي بالفيروس.
وعلى تويتر كتب رائد الأعمال الياباني هيرويوكي نيشيمورا “الآن سنحت له الفرصة لحقن نفسه بمبيد الجراثيم”. في إشارة إلى خبر تناولته وسائل الإعلام الأشهر الماضية يقول إن ترامب اقترح حقن مرضى كورونا بالمبيدات، وذلك لفعاليتها في القضاء الفيروس.
يشار إلى أن ترامب قال لاحقا إنه كان يسخر عندما طرح احتمال استخدام المطهرات والمبيدات في علاج مرضى الفيروس.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة “أوهايو” ماسارو كانيكو إن القادة الشعبويين مثل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو “أصيبوا بفيروس كورنا المستجد لأنهم لم يأخذوا خطره على محمل الجد”.
لكن بولسوناور وجونسون تعاملا بجدية مع الفيروس بعد إصابتهما، ومن الوارد التساؤل عما إذا كان الرئيس الأميركي سيقتدي بهما.
وفي أستراليا، نشر الموقع الساخر “بيتوتا أدفوكات” خبرا تحت عنوان “عائلة ترامب تسجل حالات عدوى مجتمعية أكثر من ولاية كوينزلاند بكاملها”.