نشرت الرئاسة المصرية بيانًا من ست نقاط بمناسبة زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة.
البيان يبدو إنسانيًا في واجهته، لكنه في جوهره وثيقة ردع سياسي. يحدد ما تريده القاهرة من السودان، وما ترفضه، وما تلوّح به إذا اتجهت الوقائع عكس رغبتها.
هذه قراءة تفكيكية دقيقة، لماذا كُتب البيان بهذه الطريقة، وماذا يعني للسودانيين.
التلويح بـ “اتفاقية دفاع مشترك”
البيان يلوّح بحق مصر في اتخاذ “كافة التدابير والإجراءات اللازمة” وفق القانون الدولي و“اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين”.
هنا يجب الفصل بين “القانون” و“الرسالة”:
• تاريخيًا تم إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر و السودان من قبل رئيس الوزراء الراحل الإمام الصادق المهدي رحمه الله.
و اتفاقيات الدفاع المشترك بين البلدان لا تفعل إلا حين تتعرض. دولة لهجوم من طرف ثالث، و الآن البرهان حليف السيسي أعلن أن الإمارات هي دولة عدوان بزعم تدخلها في السودان، فهل لو كانت هنالك اتفاقية دفاع مشترك قائمة بين السودان و مصر كما يدعي البيان، فهل سيحارب السيسي دولة الإمارات؟
• لكن البيان لا يقدم وثيقة قانونية. هو يكتب صيغة ردع، لكنه يريد أن يقول إن القاهرة لا تكتفي بالتصريحات، وإن لديها “لغة تدخل” جاهزة إذا رأت تهديدًا لخطوطها.
المفارقة الساخرة أن هذه اللغة نفسها تصبح قابلة للطعن سياسيًا داخل السودان: لأنها تمنح القاهرة حقًا مزعومًا في “إجراءات” على أرض سودانية، في حين أن العنوان الأهم في تصريح السيسي هو السيادة السودانية.





