في بلاد يموت أطفالها بسوء التغذية وتحت قصف طيران جيشها الحربي باللاسواق واسفل الفصول الدراسية ..في خضم إرتفاع وتيرة الاقتتال الدائر الآن في مناطق عديدة بارض النيلين أعلنت سلطة بورتسودان الانقلابية اغلاق المدارس واعلان التعبئة العامة للقتال حيث شرعت السلطات في معسكرات التدريب بالعاصمة وعددا من المدن توطئة للزج بهم الى ساحات القتال وميادين المعركة ، وفي الاثناء كشفت بعض المصادر الى ان من بين المنضمين الى المعسكرات أطفال وقاصرين تم استقطابهم من اطراف المدن ومن الاصقاع البعيدة للدفع بهم في ساحات المعارك ، فبدلا من أن يكون الكتاب أداة صعودٍ نحو المستقبل، تحوّل إلى أن يُزاح جانبًا لصالح البندقية. إنّ ثقافة الزجّ بالأطفال في الحرب لم تعد حوادث متفرقة، بل سياسة ممنهجة مارستها الحركة الاسلامية في حروبها في السودان بلا مواربة. وما يزيد الجريمة فجاجة، أن الحكومة نفسها منحت الغطاء لما هو في جوهره جريمة حرب مكتملة الأركان، حين قرر وزير التربية إعفاء الطلاب المشاركين في المعارك من الرسوم الدراسية. أي أنّ المدرسة لم تعد ملاذاً ضد الحرب، بل بوابة إليها.
هذه ليست المرة الأولى؛ فالماضي يفضح الحاضر. من “مليشيا البراء بن مالك”، التي استدرجت أطفال دار المايقوما، إلى “درع السودان” و”المقاومة الشعبية”، حيث ظلّ الطفل السوداني وقودًا لصراعات الكبار ، الجيش وحلفاؤه لا يتورع من استدراج النازحين القُصّر بالمال والخبز والهواتف، لذ ليس غريبا ان نشاهد صبية يحملون سلاحًا أثقل من أجسادهم، يهتفون بشعارات لم يستوعبوها ، ويُدفعون نحو موتٍ لم يختاروه ، فكانت النتيجة ليست فقط أجسادًا هشّة تتهاوى في ساحات القتال، بل أرواحًا مشوّهة. هؤلاء الصغار يعودون بذاكرة مثقلة بالكوابيس، ونفسٍ عاجزة عن الاندماج في حياة طبيعية ، خسروا طفولتهم، وخسروا حاضرهم، وربما خسروا قدرتهم على بناء مستقبل سوي. والأدهى أن بعضهم تطبع مع العنف حتى صار القتل عادة.
درج الجيش على شرعنة الجريمة عبر قرارات وزارية وخطاب ديني وإعلامي يُسوّق للموت وكأنه “شهادة أسمى من الشهادة المدرسية”. كأنّ مؤسسات الدولة ووعّاظ السلاطين قد اتفقوا على تحويل التعليم إلى خط إنتاج للمقاتلين.
لكن التاريخ لا يرحم. ألم يُدان الكونغولي توماس لوبانغا في لاهاي بالسجن 14 عامًا لتجنيده أطفالاً؟ ألم يُحاكم قادة سيراليون لنفس الجريمة؟ إذن فمستقبل قادة الحرب في السودان قد يكون نسخة أخرى من هذا المصير.
إنّ ثقافة تجنيد الأطفال ليست عرضًا جانبيًا للحرب، بل جوهرها الأكثر فظاعة. إنها حرب ضد الطفولة، وضد الذاكرة الجمعية، وضد مستقبل أمة كاملة. في النهاية، يخرج السودان خاسرًا: أجيال ممزقة، أمهات مفجوعات، وسياسيون يرقصون فوق جماجم الطفولة
الادلة والشواهد عديدة التي ادانت الجيش ولكن يظل منظر بعض الاطفال الذين وقعوا اسرى لحرب ابريل خير دليل وبرهان على هطل قيادات الحركة الاسلامية التي بدأت في تمليش الشعب منذ ان وطأت السلطة بفتح معسكرات تدريب الطلاب تحت مسميات عديدة تشمل الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية والامن الشعبي وذادت الآن الطين بلة بفتح معسكرات للبراؤون والكيكلاب وغيرهم من المليشيات التي ضاقت بها المدن وساهمت في إرتفاع الجريمة ونسب الاعتقالات التعسفية والقتل خارج القانون .





