لواء معاش : سر الختم سيد احمد
للحقيقة ولعلومية الجميع الدعم السريع لم يهزم في الخرطوم ومدني وجبل موية وسنار وسنجه والدندر، بل إنما نفذ خطط الانسحاب نوعي متكامل حربيا و لعمري هذا الذي درسناه في الكلية الحربية، نفذ انسحابًا تكتيكيًا بامتياز وبكامل قوته وأسلحته* وعتاده الحربي. والسبب المباشر في الانسحاب الواسع استخدام الجيش للأسلحة الكيميائية المحرمة دوليًا، ورتب لذلك المدفاعه في ميدان الدبلوماسية واستطاع أن يسجل نجاحًا منقطع النظير، استطاع أن يجرم الجيش ويثبت أنه استخدم السلاح الكيميائي حتى أصدرت الإدارة الأمريكية عقوبات على الجيش. في هذا الأثناء، أعاد الدعم السريع ترتيب تموضعه وربط صفوفه وأصبح جاهزًا للقتال.
ولو لاحظ المتابعون، الدعم السريع حقق انتصارات ساحقة على الجيش والمشتركة والمستنفرين في كردفان، واستطاع أن يكبدهم خسائر في الأرواح والعتاد بالآلاف في معارك أم صميمه وأم قعود وغيرها. ومؤخرًا، حقق الدعم السريع انتصارات مدوية في السيطرة على مدينة بارا الاستراتيجية بالأمس، واليوم أعلن رسميا السيطرة على مدينة الفاشر المحورية، وهذا يؤكد أن الدعم السريع الآن في أحسن وأفضل حالاته المعنوية والعسكرية.
هذه الانتصارات المتتالية تؤكد مستوى الروح المعنوية والعسكرية وقوة التصميم والقدرة الفائقة على المناورة والاقتحام بسرعة عالية وكثافة نيران من الصعوبة صدها، فوق ذلك يمتلك شباب لا يهابون الموت، لذلك تظهر قدرته على تحقيق النصر في مختلف الجبهات*.
وللأسف، من أبرز المشاكل التي واجهها الجيش هي تعدد مراكز القرار، مما أدى إلى تشتت الجهود وعدم وضوح الرؤية، وهذا أثر بشكل مباشر وكبير على أداء الجيش في الميدان. عندما يكون هناك أكثر من جهة تتخذ القرارات، قد يؤدي ذلك إلى تضارب في التوجيهات والسياسات، مما يؤثر على فعالية العمل المعنوي والعسكري.
وللأسف، عدم مصداقية البرهان كانت وما زالت القشة التي قسمت ظهر البعير، فالبرهان قد لعب أدوار الخداع والغش مع ثوار
ديسمبر، ومارس نفس الخداع والغش مع الأحزاب والكتل المدنية، وظل في كل الأحوال والظروف، يعتاد على الخيانة والغدر، والآن يلعب في ذات الأدوار مع كتائب البراء والمشترك والفلول. فسجله حافل بالخيانة والغدر، ولا يتوانى مطلقًا عن استخدام كل الوسائل لتحقيق حلم أبيه في السلطة بشتى السبل، دون أي اعتبار للقيم أو المبادئ.
ومن أبشع ما يرتكبه البرهان الآن، يحدث الجنود عن الحرب وضرورة مواصلة القتال، حتى آخر جنجويدي، بينما كان في نفس الوقت يبعث رسائل إلى المجتمع الدولي يعبر فيها عن استعداده للسلام. هذا التناقض الصارخ بين ما يقوله للجنود وما يقوله للعالم الخارجي أدى إلى تدمير الروح المعنوية والثقة بين جنوده.
الجنود الذين كانوا يقاتلون بكل ما أوتوا من قوة، وجدوا أنفسهم مخدوعين عندما اكتشفوا أن قادتهم كانوا يتحدثون عن السلام مع العالم الخارجي دون علمهم أو موافقتهم. هذا الاكتشاف أدى إلى شعور بالغدر والخيانة، وتراجع كبير في الروح المعنوية والثقة في القيادة.
وسقوط المدن في أيدي الخصم لم يكن مفاجئًا، حيث كان السبب المباشر لذلك يرجع إلى قلة الإمدادات والإحباط الذي كان يعاني منه الجنود، بالإضافة إلى عدم صدق القائد وازدواجية خطابه. عندما لا يتلقى الجنود الدعم اللازم والمطلوب، ويشعرون أن قادتهم لا يكونون صادقين معهم، فقد يؤدي ذلك إلى انهيار كامل لمعنوياتهم وفقدانهم للثقة في قدرتهم على النصر. والحرب أساسًا استعداد نفسي قبل العسكري.
وفي ظل هذه التطورات، تبرز مساعي السلام الجارية الآن في واشنطن، والتي تأتي في إطار جهود دولية لوقف الحرب وإحلال السلام. وقد أبدى الدعم السريع استعداده للتفاوض والوصول إلى حل سلمي، بينما يبدو أن الطرف الآخر ما زال مترددًا في اتخاذ خطوات جادة نحو السلام.
من المهم أن يدرك القادة أهمية الصدق والشفافية في التعامل مع جنودهم، وأن يكونوا صادقين معهم في كل الأوقات، حتى في أصعب الظروف. عندما يكون القائد صادقًا وشفافًا، يمكن أن يبني ثقة قوية مع جنوده، مما يؤدي إلى رفع الروح المعنوية وتحسين الأداء القتالي.





