الحقيقة التي لا بد من الاعتراف بها، أن أصحاب الامتيازات التاريخية، سواء كانوا سياسيين أو عسكريين، يقفون اليوم على أرضية مشتركة وتوافق خفي، سيطفو على السطح في مقبل الأيام.
سيجد الناس القحاتة والإسلاميين وجيشهم في خندق واحد، يرفعون شعار “حبل يربطنا وسيف يقطعنا”، ثم يخرج من يتحدث باسم وحدة البلاد، معتذراً ومقرّاً بأننا كنا قد حذرنا من ذلك مسبقاً.
لكن في كل الأحوال، على تحالف تأسيس ألّا ينشغل بالنظريات الكلاسيكية ولا بالأوهام القومية أو انتظار الاعتراف الخارجي. فبناء الدولة الحقيقية يبدأ من تجاوز هذه العقد، والتوجه نحو الديمقراطية المعافاة من داء الهوس الديني والوازع القبلي.
لقد نهضت “تايوان” ودخلت مرحلة التصنيع رغم عدم الاعتراف بها رسمياً لأكثر من “٥٢” عاماً، و “صوماليلاند” اليوم تتجه لتصدير منتجاتها لدول العالم الأول الذي لا يعترف بها لكنه يتعامل مع دبلوماسيتها واقتصادها، وهكذا يجب أن يكون دربنا: دولة تُبنى بالفعل لا بالشعارات ولسنا بحاجة إلى وحدة زائفة تقوم على مساحة جغرافية واسعة أو كتلة سكانية ضخمة، إنما نحتاج لوطن يحترم إنسانيتنا وتنوعنا.
الوحدة الحقيقية لا تُبنى على النفاق الاجتماعي كما يفعل من يرفعون شعارات “جيشُ واحد شعبُ واحد” ويعلنون دعمهم للحركة الإسلامية في شمال البلاد ووسطها، بل تُبنى على العدالة، والاعتراف بالآخر، والعيش المشترك على قاعدة الكرامة المتساوية، فالوطن ليس مجرد أرض وحدود، بل منظومة قيم تحترم الإنسان أولاً.





