جامعة الفاشر والتمييز العنصري الممنهج ضد أبناء المكونات العربية بدارفور كلية الطب نموذجاً.. بقلم كاربينو

يُعد التعليم الجامعي من الركائز المهمة والأساسية ، التي تُسهم في بناء وتطوير المجتمعات من خلال رفدها بالكفاءات العلمية المتخصصة في مختلف المجالات ، لذا فقد أصبح الإهتمام بالتعليم العالي من أولويات الدول خاصة الدول المتقدمة التي تسعى في دعم وتطوير جامعاتها بشكل مستمر ، ولكن واقع تعليمنا الجامعي به الكثير من المشاكل والتحديات خاصة تأثرها بالإنتماءات السياسية التي حولت البيئة الجامعية من وسط اكاديمي إلى ميادين للعنف الطلابي وسانحة عظيمة لتصفيات الخصوم بدل المناظرة والحوار لإخراج أجيال مستنيرة تؤمن بأن الحوار هو السبيل الأوحد لخلق قواسم مشتركة ما بين التباينات الفكرية والأيدلوجية وبين القضايا الوطنية التي تستوجب قبول الآخر المتنوع ، ولكن غرق الجامعات في وحل السياسية زاد من إنتقادها بسبب القوانين الإدارية المجحقة التي تتخذها إدارة الجامعة بحق بعض الطلاب الذين ينتمون لمجموعات إثنية واجتماعية قد تحرمهم من درجات أكاديمية كاملة او شهادات علمية وهذا ما يحدث دائماً في الجامعات السودانية وما جامعة الفاشر إلا واحدة من مؤسساتنا التعليمية التي يجب إعادة بنائها وتصويبها نحو غاياتها ورسالتها العلمية وقيمتها في المجتمع السوداني .
إن القرارات العنصرية التي اتخذها الدكتور /الحاج تبن عميد كلية الطب جامعة الفاشر والتي بموجبها تم تجميد العملية التعليمية في كافة مناطق سيطرة الدعم السريع ونقلها إلى مناطق سيطرة الجيش والمستهدف من هذه القرارات هم أبناء المكونات العربية بدارفور وذلك إذا ما قرر الطالب الذهاب إلى مناطق الجيش يجد أن الدكتور تبن قد نسخ قوائم كشوفات أبناء العرب بالجامعة وسلمها للإستخبارات العسكرية وبمجرد وصول الطالب يجد نفسه معتقلاً لأنه من المجموعات العربية وحتى وإن لم ينتمي للدعم السريع ، والدكتور تبن يفعل ذلك لأجل التشفي والإنتقام من طلاب العرب لأنه ينتمي إلى أكبر الحواضن الإجتماعية للقوات المشتركة ومن يريد أن يواصل متبقي فصوله الدراسية حتى وإن أوشك على التخرج عليه أن يدفع مبلغاً مالياً لعميد كلية الطب حتى يتم إستثنائهِ وإزالة إسمه من كشوفات الاستخبارات هذا هو حال طلاب القبائل العربية الذين يدرسون في جامعة الفاشر وبالتحديد كلية الطب التي كان بمقدورها أن تفعل خيراً من ذلك ولكن ماذا نفعل إذا ما تم تعيين هؤلاء لإنتماءتهم الإثنية وتوجهاتهم الأيدلوجية وهذه واحدة من أسوء مخلفات الدولة السودانية التي يجب إستئصالها من العملية التعليمية والتربوية .
تفاجأ أبناء العرب بدارفور خاصة المنتسبون في كلية الطب جامعة الفاشر بأن الدكتور حافظ محمد جدوبة _عميد الشؤون العلمية بالجامعة قد قرر حرمانهم من إستكمال إجراءاتهم للحصول على شهادة التخرج وذلك لأسباب عنصرية لأنهم ينحدرون من إثنيات ينتمون للدعم السريع ومن المفارقات أن الدعم السريع أسسهُ القائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك ووضع له قانون تمت إجازته في المجلس الوطني في العام 2017 م ولم يتم إستشارة هؤلاء الأبناء في إنشائه ولكنهم يدفعون الثمن مرتين وفي هذه اللحظات المساومات حاضرة ولمن يدفع أسرع وما يؤسفنا حقاً هو أن الذي يحدث ويُمارس ضد أبناء المكونات العربية هو في حقول تعليمية جامعية والتي كان المنوط بها الإطلاع بدورها الريادي بإعتبارها مؤسسات تعليم عالي والتي من غاياتها معالجة الإختلالات الإجتماعية ومحاربة خطاب الكراهية والتوجس ولكن حدث عكس الذي ينبغي وهذا واقع نتيجة سياسات وتوجهات مؤسسات الدولة وعلى رأسها الأجهزة الأمنية دون مراعاة لحقوق أبناء هذه المجموعات وهذا ما يجعل الخيار الأوحد أمامنا هو هدم هذه الدولة وقيام دولة بديلة قادرة على إحترام حقوق السودانيين دون محاباة او تمييز ضد آخر .
في النهاية من الضروري إجراء المزيد من النقاش حول ظاهرة العنصرية في جامعة الفاشر كلية الطب تجاه أبناء المكونات العربية كما يجب توضيح سبب تجاهل موضوع الإقصاء والتمييز العنصري في المؤسسات التعليمية ، فالفرصة التعليمية في كلية الطب جامعة الفاشر لأبناء الأغلبية من حواضن القوات المشتركة إما أرادوا او لم يظهروا أي إهتمام في إدراك هذه المشكلة او إيجاد حلول لها ، كما يجب على أبناء المجموعات العربية بالجامعات والمعاهد العليا عموماً والمنتسبون لجامعة الفاشر خصوصاً ترتيب صفوفهم وتنظيم أنفسهم وتأسيس كيان يجمعهم لمناقشة قضاياهم والتحديات التي أمامهم لإيجاد طريقة او آلية عبرها يرسلون صوتهم وينقلون ظُلمهم عسى أن يجدوا من يسمعهم او البحث عن بدائل حتى لا تفوتهم العملية التعليمية ولابد من أجسام مطلبية مدنية تقوم بدورها الطليعي في خلق رأي عام حول تسييس الجامعات والتمييز العنصري تجاه مكوناتهم الأصيلة والتي لابد لها أن تُحدث حراكاً وتضع أصبعاً في أماكن العطب حتى يستطيع السودانيين إدراك الخطر الذي يهدد النسيج الاجتماعي ويعمق الهوة ما بين المجتمعات السودانية .
بقلم:-محمود مجدي موسى الجدي