في صمتِ الكلماتِ، حيثُ يغيبُ الأبطالُ ويبقى صدى تضحياتهم، ننحني إجلالاً وإكباراً للشهيد القائد صلاح عوض جبار كنجير، الذي رحل جسدُه لكنّ سيرته ستظلّ نبراساً للحرية، وشاهداً على كفاحٍ لم يتوقف عند حدود الكلمة، بل امتدّ إلى ساحات الشرف والموت.
كان صلاح عوض قلمًا يخطُّ كلماتِ السلام والعدل قبل أن تدفعهُ جرائمُ الإسلاميين في الجيش السوداني إلى أن يمسك بالبندقية. عرفناهُ مثقفاً ينبضُ فكرُه بالمساواة، ومدافعاً شرساً عن قضية الهامش السوداني المظلوم، لم يخشَ في الحق لومة لائم، فكتبَ وحارب وناضلَ وكشفَ زيفَ منْ سرقوا أحلامَ الشعبِ باسم الدين والسلطة.
لكنّ قلمَ الحقّ لا يصمتُ حينَ يُشعلُ الظالمونَ نيرانَ الحرب. حينَ أدارَ الإسلاميون وجيشُهم ظهورهم لقيمِ العدلِ والإنسانية، واجههم الشهيدُ بلغةٍ يفهمونها جيداً: لغةِ الرصاصِ والشجاعة. تركَ قلمَه ليسقطَ في ساحةِ المعركة، لكنّه لم يتركْ مبادئه؛ فحملَ السلاحَ دفاعاً عن الكرامةِ، وعن أبناءِ السودان الذين ظُلموا طويلاً.
اليوم، ونحن نرثيكَ أيها الشهيد، نعلمُ أنَّ دماءَكَ الطاهرةَ لم تُسفكْ عبثاً. لقدْ صرتَ علامةً في طريقِ التحرير، وجزءاً من روحِ ثورةِ الأبطال الأحرار التي لن تهدأ حتى تُقامَ دولةٌ لا مكانَ فيها للطغاةِ والمتأسلمين.
سنظلّ نحملُ ذكراكَ في قلوبنا، كما تحملُ الأرضُ بذورَ الخيرِ التي تُنبِتُ غداً أجمل.
سلامٌ عليكَ يومَ استشهدتَ، ويومَ تبعثُ حياً.
القضية مسترة والنضال مستمر