علي أحمد
فاته الكثير من لم يشاهد مقطع الفيديو المثير المنتشر هذه الأيام على الوسائط المتعددة، والذي جمع بين قاطع الطريق وكبير اللصوص (الهمباتة) ومهرّب السلع والبشر، قائد مليشيا درع البُطانة المدعو أبو عاقلة كيكل، وبين رهط من خاصّته، حيث اعترف بأن قائد الجيش هو من أسس هذه المليشيا وأجبره على قيادتها، وأنه – البرهان – عبر الاستخبارات العسكرية، فرض عليه حاضنة سياسية بقيادة الكوز الداعشي محمد علي الجزولي – الذي تقول روايات عديدة إنه قد قُتل في الأسر إثر غارة جوية شنّها الطيران على مقرات الدعم السريع.
وأضاف كيكل أنه رفض أن يكون مدعومًا من حاضنة كيزانية داعشية، ثم ثرثر في ما تبقى من مقطع الفيديو ببلاهته المعتادة في أمور شتى لسنا هنا بصددها في هذا المقال.
ما يهمّنا من المقطع هو ما أشرنا إليه أعلاه، وهو أن قائد الجيش عبد الفتّاح البرهان، عن طريق الاستخبارات العسكرية، هو صانع الفوضى والحرب والدمار الأول في البلاد، وكل ما عداه ناتج عنه وليس العكس. فهذا الرجل جاء بأبي عاقلة كيكل، وهو قاطع طريق ومهرّب بضائع وأسلحة وبشر معروف في سهل البطانة وشرق السودان حتى حدود إثيوبيا ، حيث تمثل هذه الجغرافيا نطاقًا لعملياته وأنشطته الإجرامية، فجاء به من هناك ومنحه رتبة عسكرية وأسس له مليشيا، ودعمه ببعض ضباط الجيش الإسلاميين؛ أبرزهم الناطق الرسمي الأسبق باسم الجيش، العميد متقاعد الصورامي خالد سعد.
ولا شك أن علاقة مليشيا (درع البطانة أو درع السودان) بالجيش مما لا يختلف عليه اثنان، لأن تاريخ تأسيس هذه الجماعة الإجرامية المسلحة كان قبل سنوات قليلة – بعد اتفاق جوبا للسلام 2020، الذي جاء بمليشيات حركات الارتزاق المسلحة من دارفور إلى قلب الخرطوم. لكن اللافت أن هناك تصريحًا مهمًا جدًا لقائد الجيش يؤكد هذه العلاقة، حيث قال البرهان في مارس الماضي، عقب عودة كيكل إلى حاضنته العسكرية (الجيش) بعد رحلة (غواصة) داخل قوات الدعم السريع: “علاقتنا بكيكل قديمة ومن زمان قبل الحرب؛ لأننا كنا ندرك أن البلاد مقبلة على شيء”.
إذًا، مليشيا درع البطانة / السودان، سمّها كما تشاء، صنعها البرهان وخصص لها كيانًا سياسيًا محددًا (مؤيدين / حاضنة) بقيادة الإرهابي زعيم الدواعش في السودان محمد علي الجزولي. لذلك، فإن هذه المليشيا تُعد خطيرة جدًا على مستقبل ووحدة السودان، فبالإضافة إلى أنها أصبحت الآن ذات صبغة جهوية وقبلية، فإنها أيضًا بطبيعة تكوينها داعشية إرهابية، فضلًا عن أن قائدها مجرم معروف منذ أن كان يقود عصابة من الهمباتة (اللصوص وقطاع الطرق) المسلحين، متخذًا من جبال الغر بسهل البطانة في شرق السودان مقرًا لأنشطته الإجرامية.
الآن، يقود الرجل مليشيا مكوّنة من نحو 40 ألف مقاتل، وفقًا لمصادر متعددة، بخلفيات إجرامية وداعشية وإرهابية وقبلية، كما أن التيار القومي الشمالي الانفصالي بقيادة عبد الرحمن عمسيب يسانده ويقدم له الدعم، بالإضافة إلى بعض القبليين العنصريين من الكيزان وغيرهم. وبالتالي، فإن قواته تجمع أسوأ ما في البشر من صفات (تطرف إسلامي – جريمة منظمة – قبلية وعنصرية)، وهذه الصفات تقود بالتأكيد إلى العمالة للخارج، كما تقود إلى التمرد على الدولة، ولربما تشهد السنوات المقبلة – إن لم تكن الشهور – مليشيا موازية للجيش ومناوئة له، وحربًا جديدة بين (الدرع) والقوات المسلحة في وسط وشمال السودان. ولا أظن أن أحدًا سيكون بمقدوره أن يكذب حينها بقوله إن كيكل صنعته (قحت) أو الإمارات… كما يفعل الآن الكيزان ومأفونهم ياسر العطا.