لوكالة الأنباء الدولية اسوتنيك نيوز أكدت عضو الهيئة القيادية للقوى المدنية المتحدة (قمم) وخبير في الشأن الأفريقي لنا مهدي: “منذ اندلاع الحرب في السودان في منتصف عام 2023، دخل إقليم دارفور مرحلة جديدة من العنف الذي قاد إلى انتهاكات واسعة ضد المدنيين وقد كانت القوات المسلحة السودانية المنفذة لهذه الانتهاكات خصوصا في المناطق التي شهدت عمليات قصف جوي مكثف، أو تحركات ميدانية استهدفت استعادة السيطرة على مواقع حيوية داخل الإقليم”.
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”: “تؤكد تقارير أممية وحقوقية أن الجيش السوداني اعتمد على القصف الجوي المكثف كأداة أساسية في المواجهة العسكرية، وقد أدى ذلك إلى نتائج كارثية على السكان المدنيين، الذين وجدوا أنفسهم أهدافا مباشرة أو جانبية لغارات متكررة على أسواق وبيوت ومراكز خدمية، (الجيش هو من يمتلك الطائرات)، وفي الرابع من أكتوبر/ تشرين أول 2024 سقط أكثر من خمسين مدنيا في دارفور نتيجة قصف جوي استهدف منطقة مأهولة بالسكان، وقد وصفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان هذه الغارة بأنها مثال واضح على الانتهاك الصارخ لقوانين الحرب”.
تقارير حقوقية
وتابعت مهدي: “وفي حادثة أخرى في 25 مارس/ آذار 2025 تعرض سوق شعبي في شمال دارفور لقصف جوي عنيف أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، وقد أشارت منظمات محلية إلى أن القذائف سقطت مباشرة على تجمع للمدنيين دون أن يكون هناك ما يشير إلى وجود أهداف عسكرية في المكان، وأظهرت صور من موقع الحادثة مشاهد لجثث متفحمة ودمار شامل في السوق الشعبي”.
وأشارت مهدي إلى أن “الحوادث السابقة تشير إلى نمط متكرر من العمليات العسكرية التي نفذها الجيش السوداني دون مراعاة لمبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، وهو ما يجعل هذه الضربات ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية بحسب معايير القانون الدولي الإنساني، إذ أن تكرار القصف على مناطق مأهولة من دون إنذار مسبق أو تدابير وقائية يكشف عن استهتار متعمد بحياة المدنيين، واحتقار تام للالتزامات القانونية المترتبة على القوات المسلحة”.
وأوضحت الخبيرة في الشأن الأفريقي أن “الانتهاكات لم تقتصر على القصف الجوي فقط، بل تعدتها إلى ممارسات ممنهجة على الأرض، شملت الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، حيث سجلت منظمات حقوقية حالات عديدة لمواطنين جرى توقيفهم في نقاط تفتيش أو مداهمات ليلية داخل مناطق سيطرة الجيش، وأفادت شهادات ناجين بأنهم تعرضوا للضرب المبرح والصعق الكهربائي والإهانة أثناء احتجازهم في مرافق غير رسمية بعيدة عن الرقابة القضائية”.
وقالت مهدي: “في تقرير صادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في مارس 2025 جاء فيه، أن الانتهاكات المرتكبة من قبل الجيش في إقليم دارفور تشمل اعتقال أشخاص لمجرد الاشتباه في انتمائهم الجهوي أو العرقي، ما يعكس مناخا من التمييز والترويع ضد مجموعات سكانية بعينها، كما رصد التقرير عمليات إعدام ميداني دون محاكمة ودفن جماعي في أطراف بعض المدن مثل نيالا والفاشر”.
وتابعت: “الانتهاكات الخطيرة ضد المدنيين في دارفور رسمت ملامح موقف شعبي ناقم داخل دارفور تجاه المؤسسة العسكرية إذ يرى كثير من الأهالي أن القوات المسلحة التي يفترض أن تحميهم أصبحت مصدر تهديد لحياتهم وممتلكاتهم، لقد أثارت عمليات القصف الجوي التي نفذها الجيش في مدن وبلدات دارفور غضبا واسعا، ومن أبرز هذه الأحداث القصف الذي استهدف سوقا مكتظا في بلدة كبكابية شمال دارفور والذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى بين المدنيين، وقد وصفت منظمة العفو الدولية ذلك الهجوم بأنه جريمة حرب، مؤكدة أن استهداف سوق مليء بالمدنيين لا يمكن تبريره، كما وثقت مجموعات حقوقية سودانية مثل محامو الطوارئ هذه المجزرة مشيرة إلى دفن 270 جثة وعدد كبير من الجرحى نتيجة قصف سوق الإثنين في المنطقة، واعتبرت تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور هذا القصف عملا متعمدا ضد المدنيين ووصفته بأنه جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ لكل القوانين الدولية”.