د. عمر القراي
(يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)
صدق الله العظيم
(١)
رغم التوثيق المكثف، لمجازر مدينة ودمدني، و”الكنابي” التي حولها، فإن الإحصاء الحقيقي، لعدد القتلى، والمغتصبين والمغتصبات، من المواطنين، المدنيين، العزل، الأبرياء، لا زال بعيداً عما ستكشف عنه الأيام القادمة. لقد نُشرت قائمة بأسماء ١٢٨ شخصاً، ونشرت صور لكتائب البراء والمجاهدين المسلمين الابطال، وهم يبقرون بطن امرأة، ويقولون لأنها تزوجت من دعامي!! وصورة لهم، وهم يذبحون شاب، كما تذبح الشاة، ويقولون إن تلك “كرامة” انتصارهم في الحرب!! وصوراً لحرق “كمبو ٥” حريقا تاماً، بعد قتل من قتلوا من سكانه!! وظهر فيديو حرق طفلين، ومقتل شاب، وكهول بـ “كمبو ٥”! وصور لحرق “كمبو الشكابة الجاك” بالكامل!! الذي قتل فيه ١٠٠ مواطن، واغتصبت فيه ١٩ امرأة بواسطة الجيش، ومليشيات الاخوان المسلمين!! ثم الصورة لشاب يلقى من الكبرى في النيل، ويطلق عليه الرصاص، قبل أن يصل الماء ليموت غرقاً!! ومجزرة مارنجان عووضة التي قتل فيها ٤٥ مواطن اعزل!! وكتب شهود عيان، أن المعتدين يحملون معهم قوائم، بأسماء الأطباء، ولجان المقاومة، والمتبرعين بالعمل في مراكز الايواء، وخيرة شباب المدينة، ويقتلون كل من يجدونه منهم. لقد نفذوا الإعدام في الشوارع، على المواطنين العزل، ولم يظهر بينهم رجل واحد رشيد، ينهاهم عن المنكر، الذي كانوا يقترفونه بضمائر ميتة، لا إحساس فيها.
إنما يظنه الاخوان المسلمون نصراً، هو في الحقيقة، هزيمة بكل المقاييس الإنسانية. ولقد اسقطت هذه الهزيمة الأخلاقية، المدوية، كل أقنعة الاخوان المسلمين، التي لبسوها كذباً ونفاقاً، وخدعوا بها كثير من السودانيين، ردحاً من الزمان. وأول الأقنعة التي سقطت، قناع أن الجيش جيش وطني، قومي، يخوض معركة كرامة، ويلتزم بالقوانين الدولية والوطنية أثناء الحرب. وما حدث في مدني، مفارق تماماً للقانون الدولي، وهو يعتبر جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، كما ذكرت بعض المنظمات الدولية. ولكن الأسوأ من ذلك، أنه يخالف حتى القوانين السودانية، التي وضعها الاخوان المسلمون أنفسهم!! فقد جاء في قانون القوات المسلحة لسنة ٢٠٠٧م تحت بند “الجرائم ضد المدنيين اثناء العمليات الحربية” المادة ١٥١-١ يعاقب بالسجن لمدة لا تجاوز عشرين عاماً كل من يرتكب أو يشرع في أو يحرض على ارتكاب جريمة أو جرائم قتل لفرد أو لأفراد جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية بصفتها تلك بقصد ابادتها أو اهلاكها جزئياً أو كلياً وذلك في سياق سلوك منهجي واسع موجه ضد تلك الجماعة، أو يقوم في ذات السياق بأي من الأفعال الآتية:
أ- أي تشويه أو ضرر جسدي أو عقلي جسيم يعذب أو يلحق اذي بأفراد تلك الجماعة).
وثاني الأقنعة التي سقطت، قناع الإسلام، فقد قامت كتائب الاخوان المسلمين، وهي تكبر الله، بقتل الأبرياء، العزل، والأطفال، والنساء بدم بارد!! مع أن وصية النبي صلى الله عليه وسلم، لجيش المجاهدين من الاصحاب، رضوان الله عليهم، وهم يتوجهون الى ديار الأعداء، ألا يقتلوا منهم امرأة، ولا يقتلوا طفلاً، ولا يقتلوا أعزلاً!! فهل يبقى للإخوان المسلمين دين، وهم يخالفون توجيه النبي صلى الله عليه وسلم؟ والمفارقة الدينية تكون أكبر، لو كان القتل بالشبهات، ودون دليل، أن أولئك من الأعداء!! ولقد خرج علينا قائد كتيبة البراء، المصباح، وهو يبرر هذه الجرائم بقوله (كل مواطن متواجد في مناطق سيطرة المليشيا فهو متعاون وعقابه القتل)!! ولقد نسى هذا المجاهد المصباح، أنه حكى في تسجيل، كيف أنه هرب حين سقطت مدني، في يد الدعم السريع، وقفز من فوق السلك الشائك، وجرى!! وبرر توليه يوم الزحف، بأنه لم تعد معه ذخيرة، ثم ها هو اليوم، يقتل الذين ليس معهم سلاح، ولم يجروا كما جرى!!