الشرعية السياسية
Political Legitimacy
اين يقف الدعم السريع من تقدم اليوم ؟
السلطة هي القوة او المقدرة التي يملكها فرد او مجموعة من الناس علي فرض نظام معين علي الافراد المقيمين في جغرافية معينة.
هذه القوة/ المقدرة ( السلطة ) دوما ما تستند علي مرجعية تبرر بها حقها في ممارسة نفوذها وإخضاع الاخرين وفرض النظام الذي تريد.
قد تكون تلك المرجعية دينية إلالهية أو كاريزماتية او تقليدية عرفية او عسكرية او بالاغلبية في الانظمة الديمقراطية.
الا ان هذه السلطة بغض النظر عن نوعها تصبح شرعية فقط عند اقتناع الافراد ان هذا الخضوع صحيح وسليم ولمصلحتهم ، وهم بالتالي يهبون الحق في ضبط سلوكهم وادارة مجتمعاتهم للسلطة ويسمحون لها بممارسة نفوذها عليهم طواعية.
ويتم اعطاء هذا الحق عبر وسائل وآليات سياسية عدة متعارف عليها ومتفق عليها مثل الانتخابات او الاستفتاء أو ضمنيا كالشرعية الثورية وغالبا ما يُتضمن ذلك الحق وآلياته في وثيقة/ عقد قد تعرف او تنسب الي الدستور.
وبما اننا مهتمين بتحقيق الديمقراطية في السودان ، فلربما يجب لفت النظر الي ان في الانظمة الديمقراطية الاغلبية قد تظلم الاقليات ، وقد يخلق ذلك حالة من عدم الاستقرار والشعور بالضيم يؤدي الي الانقسام المجتمعي ومن ثم كانت فكرة الحوجة الي الاتفاق حول عقد / ميثاق مجتمعي لخلق توازن مجتمعي يضمن تحقيق مصالح كل القوي المتنافسة دون السقوط في هاوية الفوضي وربما الحرب الاهلية.
ان مبدأ العقد الاجتماعي يقوم علي ضمان الحقوق الاساسية للجميع بغض النظر عن خلفياتهم عبر التعاون بين القوي المختلفة التي قد تسعي الي احتكار السلطة منفردة من اجل مصالحها في مقابل العمل معا لتحقيق مصلحة المجتمع ككل.
وحسب الشروط المتضمنة في الدستور/ العقد الاجتماعي ، الناس دوما ما يعطون انفسهم الفرصة والحق في سحب هذه الشرعية من السلطة عبر الانتخابات او عبر سحب الثقة اذا ما توفرت شروط معينة.
ذلك يعني ان المحكومين هم من يتحكمون في من يحق له ان يحكمهم عبر مقدرتهم علي التصويت لنزع الشرعية.
وفي المقابل ، ولتحافظ السلطة علي الشرعية ، يبذل الحكام عبر سياسييهم وحكوماتهم جهودا كبيرة على الحفاظ على الاعتقاد لدي الناس ( الناخبين ) بأن المؤسسات السياسية والحكومية القائمة هي الأكثر ملائمةً والأنسب لهم لمجتمعاتهم حيث تسعي بصدق الي تقديم افضل الخدمات وتحفظ المجتمع من الفوضي عبر نشر الامن والاستقرار والرعاية وربما الرفاهية في المجتمعات التي هي الاكثر غنيً.
كل هذا الحديث اعلاه يقودنا الي الحاجة الي فهم من أين تأخذ الحكومة القادمة ( الموازية) شرعيتها والي اين يجب ان تذهب ؟
قد يقول القائل ان الحكومة القادمة تعتمد علي الشرعية الثورية بحكم ان ثورة ١٥ ابريل التي تبلورت بعد ان طرق الاسلاميون علي كبريتها فأشعلوه – نهضت ١٥ ابريل اساساً ضد المؤسسات السياسية والحكومية لدولة ٥٦ داعيةً الي هدمها و اعادة تأسيسها علي بنية جديدة لكن هنالك ايضاً الشرعية الضمنية التي اعطاها اغلب السودانيين للقائد محمد حمدان دقلو بحكم الكريزماتية التي يتمتع بها .
وظهرت تلك الشرعية الكريزماتية التي تعتمد علي شخصية القائد في وقوف السودانيين الشرفاء صفاً واحدا خلف حميدتي اذ قدم الالاف منهم ارواحهم الطاهرة دون تردد من أجل قضيته التي اصبحت قضيتهم هم.
الا ان المجتمع الدولي والذي تهيمن عليه المؤسسات الغربية لا يؤمن بالشرعية الكريزماتية لاسباب تاريخية عديدة لا يسعنا المجتل لذكرها وكذلك لا يؤمن بالشرعية الثورية أو بكلمة الثورة كمصطلح ، اذ تقف الثورة في مفهومهم ضد المؤسسات التي صنعوها عبر مئات السنين.
ومن ناحية اخري يعتبر الغرب ان الثورة وسيلة سياسية مبتثرة لا تجد لها مكانًا من بين الاليات الحديثة للتغيير بل الاسواء من ذلك هي من بقايا من الارث الثقافي للاشتراكيين الذين يقاتلوهم اليوم في اوكرانيا ، وهم محقين ، اذ ان الثورة في الغرب خصوصاً يتباهي بها في الغالب الفوضويون والشيوعيون.
لكن العقل الاوربي لا يمكن ان يستوعب خيال العقل الافريقي والمعضلات التي يواجهها وبالتالي المعادلات الاوربية لا يمكن ان تحل مشاكل افريقيا.
والحقيقة تظل ان افريقيا لم تصنع مؤسساتها الخاصة بها الي اليوم بل الموجود هو استنساخ مشوه لمؤسسات الغرب في حقبته الاستعمارية ولذا فشلت دولة ٥٦ في تحقيق الاستقلال للسودان والسودانيين واختصرت اليوم تلكم المؤسسات الي يافطات مبتذلة سُخرت لتضليل وابتزاز المجتمع الدولي ويحملها دون حياء متطرفين وانتهازيين في دولة البرهان/ كرتي.
نحن بالفعل نحتاج الي هدم تلك المؤسسات وبناء مؤسسات جديدة لكن بمفاهيم جديدة وابطال جدد اذا كنا نريد ان نعيش كبشر .
والي حين الوصول الي تفاهم فلسفي مع الغربيين والشرقيين ، تحتاج الحكومة القادمة الي اجراء علي الأقل استفتاء في انحاء السودان لتأكيد شرعيتها دولياً – علي ان في ظل الظروف الحالية يبدو مستحيلاً ، الا ان تنوع المشاركين في الحكومة من حيث اختلاف مشاربهم وارائهم السياسية واعراقهم وخلفياتهم الثقافية قد يكفي كي يؤكد رمزيا للعالم نجاح الاستفتاء دون إجرائه علي الارض فعلياً .
إن مجرد إعلان حكومة متعددة ومتنوعة المشارب السياسية سوف يصعد مصداقية تلك الحكومة محلياً ودوليا درجات ، وسوف يطمئن الناس من ان السلطة القادمة تؤكد اهتمامها الجاد بأراء كافة المواطنين الذين يمثلهم هولاء السياسيين او يمثلون اغلبهم من كافة نواحي السودان كما سوف يؤكد ايضاً انفتاح تلك الحكومة علي حرية التعبير وتوسيع المشاركة وغير ذلك من عناصر بناء الديمقراطية – ومن باب التنوع هذا يمكن لتقدم ان تجد لها موطء قدم في الحكومة القادمة.
لقد لعبت تقدم/ قحت ادوار مرصودة شديدة السلبية في مسيرة السودانيين الي التحرر ، اذ هادنت النظام وايدت تقسيم البلاد وقاومت التغيير ووقفت بصلادة الي جانب الاقصاء وتعالت علي الهامش السوداني العريض مما دفع ذلك كثير من السودانيين الي مناصبتها العداء السافر لكن الاولوية للدعم السريع اليوم تظل ليست المعركة مع تقدم اذ بدون الحاجة الي التغاضي عن الاساليب البالية والخطاب العدائي لانصار تقدم وميولهم الفطرية للإقصاء وحبهم للإستئثار بالقيادة دون الآخرين ، لكن يمكن ان يدخل الجزء الايجابي من تقدم في التحالف العريض من اجل سلام حقيقي في السودان والدعوة الي تحريره كافة من الفلول وليشارك هذا الجزء الايجابي في الجبهة ضد الاستعمار الجديد الذي يستعمل فيه اعداء السودان الاسلامييون السودانيين والانتهازيين كمخلب قط .
بالقرين كارد – Green Card الذي قدمته حكومة بايدن لجيش البرهان وكتائبه الاسلامية المتطرفة والمرتزقة الذين استجلبهم من انحاء الارض لإخضاع الشعب السوداني والذين يقاتلون كي يضعوا رقاب السودانيين في الرسن من جديد ويصبحوا مطية لشعوب اقل منهم تحضرا واقصر منهم تاريخاً.
ان ما يرجوه السودانيين من قيادة الدعم السريع حقيقة ليس الدخول في معارك جانبية مع تقدم بل بل اعادة تقييم الموقف بناء علي اسس المؤسسية الحقيقية ؛
(Participation, Transparancy, and Accountability )
المحاسبة والشفافية وتوسيع المشاركة في اتخاذ القرار ذلك بالاضافة الي العمل عاجلاً علي الانتقال من حالة الدفاع الي الهجوم في ميدان القتال ، والخروج من حالة التهدئة التي فرضها الامل في وقوف الادارة الامريكية كطرف محايد يدعو الي حوار عقلاني وانتقال تلك الإدارة الي جانب المعسكر الذي يدعو الي الضغط علي طرف دون آخر.
هذا التحول السياسي الامريكي غير الحصيف تبدو عواقبه اليوم علي السلام ماثلة للعيان في جبهات مختلفة في السودان اذ تم تنشيط العمليات العسكرية والقصف الجوي وعمل الطابور الخامس الذي يبذل قصاري جهده عبر الفلانقايات دون أمل علي نشر الاشاعات والشقاق وحث التخاذل والانقسام بين الاشاوس واشغالهم بالتوافه في قلوب البعض دون قضية الوطن الكبري والمتمثلة في حكم السودانيين انفسهم بأنفسهم ( الفيدرالية) واستمتاعهم بثرواتهم كل في جهته دون استغلال او ابتزاز من المركز او تسلط من نخب ٥٦.
إن حالة التوتر اليوم التي تنتشر بين السودانيين هي نتيجة مباشرة لتعنت البرهان واختياره الحرب ودونكم ما يحدث امامكم ، والتي نرجو ان تكون علي نهاياتها ، اذ يبدو ان البرهان يلقي آخر سهامه السامة في صدر شعبنا – لكن لا شك ان وجود حكومة شرفاء يساندها انصار علي قدر كافي من الوعي ومدركين لأولياتهم واشاوس قابضين علي البندقية سوف يدفع بالسلام الي الامام سريع اذ سوف يخلق درعاً واقياً امام مكائد الحركة الاسلامية العالمية ومن يساندها من دول الاستعمار الجديد – مصر وتركيا .
الله أكبر…
النصر للسودان …
والعزة لله جميعاً…
د.ابراهيم مخير
مستشار القائد العام
قوات الدعم السريع.