تعيش السودان في أتون حرب قاسية يعاني منها الكثيرون، حيث تتسبب النزاعات المستمرة في معاناة إنسانية جسيمة. تتركز النقاشات حول الوضع الحالي في البلاد على المسؤوليات وكيف يمكن تحقيق السلام، مع ضرورة تحديد الأطراف المعنية والمآسي التي لحقت بالمدنيين في ظل هذه الأوضاع المتردية.
في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها السودان نتيجة النزاعات المستمرة، تبقى الآمال معقودة على إمكانيات تحقيق السلام. في حوار مع عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي على قناة الجزيرة مؤخرا استعرض الأزمات السياسية والجوانب الإنسانية المتعلقة بالحرب، بالإضافة إلى مسؤوليات القوى المهيمنة في السودان.
تقييم الوضع الراهن
اكد التعايشي أن المأساة المستمرة تعود إلى جذور سياسية عميقة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود. يشير إلى أن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني وقوى أخرى تتحمل مسؤولية استمرار النزاع والعنف. يطرح تساؤلات حول من يتحمل المسؤولية الفعلية عن اندلاع الحرب، مؤكدًا أنها جاءت نتيجة لرفض بعض الأطراف الدخول في مفاوضات لإنهاء الأزمة.
يشير إلى أن الأزمة السودانية هو نتيجة لممارسات الحركات المختلفة ومن بينها الحركة الإسلامية التي كانت لها دور كبير في تأجيج الصراع. يبرز سؤال محوري حول من يتحمل مسؤولية هذه الحرب ومستقبل البلاد. فالأطراف التي ترفض جميع المبادرات الحوارية وإيجاد حلول سياسية تعد مسؤولة عن استمرار نزيف الدماء.
استمرارية النزاع
تحدث التعايشي أوضاع النازحين والمتضررين من الحرب، ويشدد على ضرورة الوصول إلى حل سياسي شامل. يقول إن الأوضاع المؤسفة المرتبطة بالحرب لا يمكن فصلها عن الحاجة لوقف العدائيات والتفاوض الجاد بين الأطراف المتنازعة. كما يُشدد على أن استخدام الآلام والفوضى لأغراض سياسية هو أمر غير أخلاقي.
الانتهاكات أثناء النزاع
كما ناقش التعايشي الانتهاكات الكبيرة التي حدثت خلال الحرب، وخاصة من قبل القوات المسلحة والدعم السريع. يلفت الانتباه إلى التقارير الدولية التي تسلط الضوء على ممارسات تسببت في أذى جسيم للمدنيين. يؤكد أنه لا يمكن الحديث عن الانتهاكات بمعزل عن ضرورة إنهاء الحرب.
واضاف بانه يمكن اعتبار الانتهاكات التي تحدث في السودان ليست سوى أمثلة على مظاهر الحرب. تتلقى التقارير الدولية والمحلية صدى قوياً حول الفظائع المرتكبة بحق المدنيين، ما يدعونا إلى التصدي لهذه الانتهاكات عبر الحوار والتفاوض. لا يمكن أن يكون من المقبول استخدام تلك المآسي لأغراض سياسية دون إيقاف الحرب بشكل فعلي.
مسؤولية القوى المتنازعة
تحدث التعايشي عن الحاجة الماسة للأطراف المتنازعة في السودان لتحقيق السلام. يشير إلى أن أي حديث حول الإنهاء الفوري للحرب يجب أن يتضمن نوايا حقيقية لفتح حوار شامل. في هذا السياق، يعبر عن تفاؤله بشأن إمكانية تقديم مبادرات سلام تحفظ وحدة الوطن.
دعوة للحوار
دعا التعايشي جميع القوى السياسية والاجتماعية إلى الانخراط في حوار مفتوح. يُشدد على ضرورة أن تكون هناك خطوات ملموسة تشير إلى التعهد بالسلام وحقوق الإنسان. يؤكد أن وحدة السودان والقوى الوطنية المؤمنة بالسلام يجب أن تتعاون للوصول إلى حل عاجل يعيد الاستقرار للبلاد.
وقال بان التوصل إلى اتفاق سياسي شامل يتطلب جلوس جميع الأطراف المعنية إلى طاولة الحوار، حيث يتعين على القوى المختلفة العمل بشأن ملحقات القضايا الإنسانية ومعالجة الأزمات الاقتصادية الناجمة عن النزاع. الهدف هنا هو إنهاء جميع الحروب المستمرة والمؤلمة التي تحملت الأجيال السابقة وزرها.
دور المجتمع الدولي
تحدث التعايشي عن أهمية التدخل الدولي والإقليمي في ضمان الاستقرار. يوضح أن المجتمع الدولي يمكن أن يلعب دورًا فعالًا بطريقة تعزز العودة إلى طاولة المفاوضات بدلًا من الانزلاق نحو العنف المستمر.
أهمية السلام الاجتماعي
اكد على أن السلام الاجتماعي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إعادة بناء الثقة بين جميع الأطراف، ويعتبر الحوار البناء والإدماج السياسي من الآليات المهمة لتحقيق ذلك. ويُشير إلى أهمية تعزيز الحقوق الفردية وضمان المساواة بين جميع السودانيين.
رؤية مستقبلية
ينظر التعايشي إلى إمكانية بناء مستقبل أفضل للسودان، يشمل توفير الحياة الكريمة لكل المواطنين. يشير إلى أن الخطوات الأولى نحو ذلك تتطلب اعتراف الجميع بمسؤولياتهم والتزامهم بالتغيير الإيجابي.
في نهاية المطاف، تبقى القضية السودانية بحاجة إلى نظرة موضوعية وشجاعة لجعل السلام خيارًا حقيقيًا وأساسيًا. لا بد من أن تعزز جميع القوى المشاركة في الصراع من عزيمتها وتضع حدًا للعنف، مع تأكيد على أهمية العدالة والمساواة كأركان أساسية لبناء دولة مستقرة.