تحبس العاصمة السودانية أنفاسها في انتظار المليونية التي دعت لها قوى سياسية مختلفة غدا الأربعاء 21 أكتوبر في حين عقدت اللجنة الأمنية لولاية الخرطوم مداولات لـ3 أيام من أجل بحث سبل التعامل مع المظاهرات.
وحتى الآن قبيل ساعات من المليونية، لا تزال الدعوة الأساسية للاحتجاج “لقيطة” لأنها مجهولة المصدر، وذلك حسب عضو بارز في لجان المقاومة بالخرطوم ينشط حاليا في التنسيق بين لجان الأحياء في محاولة للسيطرة على مآلات المليونية.
ويقول عضو لجان المقاومة للجزيرة نت، إن بيانات تجمّع المهنيين السودانيين والحزب الشيوعي المؤيدة للخروج في المليونية جاءت بعد الدعوة الأساسية مجهولة المصدر، في محاولة لاحتواء ما يمكن أن ينشأ عن هذه الاحتجاجات.
والمربك والمخيف في آن واحد أن دعاة المليونية الموافقة لذكرى ثورة 21 أكتوبر 1964-التي أطاحت الجنرال إبراهيم عبود- هم دعاة متعددون بأهداف متناقضة، طبقا لتعبير عضو اللجان.
حالة ارتباك
ويتجلى الارتباك في أن بعض الداعين للمليونية سحبوا دعمهم لها جراء تبدل في مواقف دعاة آخرين، وهو ما عبر عنه عمار السجاد صاحب “مؤسسة إسناد للسلام والتنمية” بقوله إنه “سحب الدعوة للمليونية بعد تبدل أهداف قوى الحرية والتغيير”.
وأكد السجاد أن قوى الحرية والتغيير “الائتلاف الحاكم” كانت تهدف من خلال تحريضها على الخروج في المليونية إلى سحب البساط من تحت أقدام الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وقعت اتفاقا مع الحكومة الشهر الحالي كلاعب منافس.
وأضاف، أنه دخل مضمار الدعوة للمليونية لمؤازرة الجبهة الثورية لـ”عشمه” في إمكانية عملها لتغيير واقع الحكومة، لكن “ما أن غيرت قوى التغيير أهدافها لدعم الحكومة الانتقالية حتى سحبت تأييدي للمليونية”.
وأشار إلى أن أكبر الداعين للمليونية الآن قوى التغيير وحزب المؤتمر الوطني المنحل وأنصاره، لكن تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن إزالة السودان من قائمة الإرهاب، ربما عززت الأمل بالحكومة مما يؤثر في تلبية الاستجابة للاحتجاج من أجل إسقاطها.
ومع ذلك يرى السجاد أن فرصة المعارضة تظل قائمة مستقبلا، لأن خطوة ترامب لن تحدث تأثيرا اقتصاديا ملموسا، وقوى التغيير لن تغير نهجها الإقصائي.
بصمة وراثية
ويساند السفير إدريس سليمان -القيادي في حزب المؤتمر الشعبي لمؤسسه الراحل حسن الترابي- المشاركة في مليونية الأربعاء، لأن الحكومة عاجزة وفاشلة، وينبغي تشكيل حكومة ملتزمة بالثورة وتمثل السودانيين.
وأكد سليمان للجزيرة نت، أنه مع خيار حرية التعبير السلمي، مشيرا إلى أن الإسلاميين دائما كانوا مع الثورات.
وتابع “ندوة الترابي بجامعة الخرطوم عام 1964 هي التي فجرت ثورة أكتوبرثم جاء أناس سرقوها عن طريق الغناء، ثم فجروا انتفاضة 6 أبريل 1985 التي أطاحت الجنرال النميري بعد شهر واحد من إيداعه الإسلاميين السجون”.
وشدد سليمان أن ثورة ديسمبر 2018 التي أسقطت المشير البشير بصمتها الوراثية إسلامية لأن الثورة شعار ودماء، وشعار الثورة يعود للإسلاميين، وضحايا الاحتجاجات كانوا منهم.
حذر وخوف
ويبلغ الحذر منتهاه بين قوى الحرية والتغيير التي يتخوف بعض قياداتها من حدوث ما لا يحمد عقباه، وفقا للقيادي في حزب البعث السوداني محمد وداعة الذي حذر من إمكان حدوث كارثة في ظل تناقض الأهداف والجهات الداعية.
وقال وداعة للجزيرة نت، إن “هناك ترتيبات لمنع انفراط الأوضاع تشمل خروج المواكب عن طريق لجان المقاومة بلافتات في مناطق محددة، وقادة معروفين لكل موكب”.
وأشار إلى أنه مع غياب هدف رئيس للمليونية، يمكن حدوث انفلاتات خاصة في ظل حشد أنصار النظام البائد للمشاركة في المليونية.
وفي دلالة على تضارب الأهداف قال أحد أعضاء لجان المقاومة في الخرطوم إن “هدف لجان المقاومة بحي (بري) من المليونية ذهاب الحكومة الحالية، في حين تهدف بقية اللجان إلى إكمال هياكل الحكم الانتقالي والإسراع في محاكمة رموز النظام السابق”.
موقف الشرطة
وأكد العضو -الذي فضل ألا يذكر اسمه- وجود مخاوف في ظل تكوينات جديدة من لجان المقاومة، مثل مجموعة “اشتباك” التي اعتادت الترويج للمليونية الأيام الماضية بحرق الإطارات، موضحا أن هذه المجموعة من الممكن أن تشتبك مع قوات الشرطة.
وأكد أن إحدى المجموعات الداعية للمليونية تتبنى خطابا دينيا متشددا ضد قوى الحرية والتغيير، وضد “إعلان المبادئ” -مع الحركة الشعبية-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو- الذي نص على مناقشة فصل الدين عن الدولة، وهي مجموعة تمثل أنصار النظام السابق، حسب عضو لجان المقاومة.
وقبل ساعات من الموعد المحدد للجان المقاومة أبلغ مصدر في شرطة ولاية الخرطوم الجزيرة نت، أن السلطات الأمنية ستتخذ إجراءات لاحتواء أي انفلات، ومن بينها اتجاه قوي لإغلاق الجسور الرابطة بين مدن العاصمة.
وينتظر أن يتخذ الجيش إجراءات مماثلة بإغلاق الطرق المؤدية للقيادة العامة للقوات المسلحة الكائنة وسط الخرطوم.