علي أحمد
مرة تلو الأخرى، وباستمرار وإصرار يُحسد عليه؛ يضرب طيران الجيش المدنيين والمنشآت المدنية الحيوية عوضاً عن استهداف مواقع عسكرية. فأمس، قصف محطة كهرباء مدينة الأبيض بشمال كردفان، رغم أن الجيش هو الذي يسيطر عليها وليس قوات الدعم السريع. فلماذا قصف هذا الطيران محطة الكهرباء؟!
أعلاه ليس سؤالًا يستهدف إجابة محددة، وإنما للاستهجان والاستنكار والدهشة من هذه التصرفات اللعينة الحمقاء التي لا يرتكبها إلا كوز متطرف حقير. فما الجدوى من ضرب الجسور والمؤسسات والمطارات والمستشفيات والمدارس والأسواق والمواطنين الآمنين في الأحياء السكنية وقطعان الماشية؟!
وخلال أسبوع واحد فقط، أسفر القصف الجوي عن ما يربو على 133 قتيلًا مدنيًا: أكثر من (86) في قصف سوق مدينة كبكابية، (28) في قصف محطة وقود أمونيا شمال مستشفى بشائر بمدينة الخرطوم، و(7) في قصف مسجد بالخرطوم بحري، و(12) في قصف بولاية الجزيرة.
هذه الحصيلة الكبيرة من قتل المواطنين عن طريق قصفهم بالطيران، وهذا التدمير واسع النطاق للبنية التحتية والمؤسسات الحيوية، يستدعي حظرًا عاجلًا لتحليقه وشل قدرته من أجل الحيلولة دون وقوع المزيد من الضحايا وحرق البلاد دون وازع أخلاقي أو ضمير.
لقد أشرنا في مقال سابق إلى أن سلاح الطيران تسيطر عليه الحركة الإسلامية بواسطة تنظيمها العسكري داخل الجيش. فقد استوطنت كوادرها في هذا السلاح المهم منذ انقلابها على الحكومة الديمقراطية عام 1989، وتمكنت مع مرور الوقت ولثلاثين عامًا متتالية من إخلائه من الضباط المهنيين المنضبطين عسكريًا والمنتمين عقديًا للمؤسسة العسكرية. لذلك، فإن ما يقوم به الطيران الحربي من انتهاكات واسعة وقتل متعمد للمدنيين وتدمير ممنهج للبنية التحتية إنما هو من فعل الإسلامويين وصنع أيديهم. إنهم يريدون إحراق البلد وصب مزيد من الزيت على جحيمها الراهن حتى لا ينطفئ.
وفي هذا السياق، كانت منظمات وأحزاب وهيئات حقوقية وشعبية قد طالبت المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف الهجمات الجوية التي ينفذها طيران الجيش، والتي أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من المدنيين منذ اندلاع القتال في البلاد في منتصف أبريل 2023.
وعليه، وبما أن مبادئ القانون الدولي تُقر مبدأ حماية المدنيين والامتناع عن استهدافهم أثناء الحرب وتهدف إلى الحفاظ على كرامتهم وتقليل معاناتهم، فإن الطيران الذي يستهدف بطريقة ممنهجة إيقاع أكبر عدد من المدنيين عبر استهداف الأسواق، الحواضر المكتظة بالسكان، المستشفيات، والبنية التحتية مثل المياه والكهرباء وغيرها، في انتهاك صريح لمبادئ القانون الدولي. فإن أفضل طريق لحماية المدنيين هو منع الطيران من التحليق فوق رؤوسهم بقرار دولي نافذ، وتحديد مناطق آمنة ومناطق حظر جوي بأسرع ما يمكن.
*أوقفوا جرائم الحرب.*