على جدار الحائط
لطالما عانت النساء والفتيات في السودان من الحرمان والأضطهاد والتميز بغرض الأقصاء الأجتماعي والسياسي والأقتصادي منذ أستيلاء الحركة الأسلامية على السلطة التي تمارس الأساليب الديكتاتورية ضد الشعوب السودانية الأصيلة وخاصة النساء التي وجدت في إضطهادهن نوع من إستعراض القوة وفرض السلطة بالقوة، بدلاً من إقامة دولة مدنية ديمقراطية، وبعد مرور عام و سبع أشهر على اندلاع النزاع في السودان تزداد معاناة النساء ويواجهن صعوبات كبيرة وينتشر العنف الجنسي و الجسدي وجرائم الحرب ضدهن من قبل الجيش الديكتاتوري الــ لا إسـلامي وخاصة في مناطق سيطرة الجيش كما يتعرضن لـ الأستهداف المُمنهج المباشر كـ الطيران الحربي والمدافع في مناطق سيطرة الدعم السريع.
معاناة النساء وتحديات الصراع داخل السودان
النساء العاملات في المدن قد فقدن كل ممتلكاتهن ومصادر دخلهن منذ إندلاع الطلقة الأولى وكانت الصدمة الأولى عندما تخلي الجيش عن المواطنين بـ العاصمة المُثلثه وانسحب الى مدينة بورتسودان التي قام بتعينها كــ عاصمة مؤقته وتجاهل إعلان حالة الطوارئ وتجاهل أهمية حماية المدنين في النزاعات الداخلية وخاصة النساء التـي يُمثلن الأقليـة الضعيفة في المُجتمع، وتبداء المعاناة في فقدان الموارد الأقتصادية وتخاذل وزارة المالية ومؤسسات القطاع الخاص في تسديد المرتبات و المستحقات المالية لـ الموظفات وتجاهل حقوقهن من قبل مكتب العمل، ويبدأن مواجهة الأزمة الأقتصادية الحادة والظروف القاسية التـي اجبرت بعضهن لـ الزواج القسري من أجل التخفيف من الضائقة المالية أو تقليل العبء الأقتصادي، كمــا أُجبرن على ممارسة البغاء “الـزنا” مع بعض منسوبي القوات المسلحة الذين إستغلو ازمة الجُوع بالبلاد مقابل إعطائِهن حقهن في الحصول على المساعدات الأنسانية مُستغلين أزمة الجوع والمجاعة وسوء التغذية الحادة التـي أعلنت عنها المنظمات العالمية، وأخريات تعرضن لــ حملات الأعتقال التعسفي التي تفتقر لـ الأجراءات القانونية ومعاير الأعتقال والمحُاكمة العادلة وليس هنالك اي معلومات عنهن مُنذ وقوعِهن في الأسر ويواجِهِن تهم مُلفقه مثل التخابر والتعاون او الأنتماء القبلي لـ مؤسسة الدعم السريع كــ محاولة لـ إذلالهن وقمع حريتهن وإضطهادهن وما يثير القلق ان هنالك انباء أن السلطات في بورسودان قامت بـ تنفيذ حكم الأعدام على بعضهن وأُخريات ينتظرن حُكماً مجهولاً، كما تم حرمانهن من الحصول على حقهن في التعليم في غياب إدارة حكومية أو دولة قادرة وسيحرم جيل كامل من الحق في التعليم فقد تم إغلاق مالايقل عن 10,400 مدرسة بسبب النزاع كما ورد في تقرير منظمة اليونسيف، ايضا النساء يواجهن صعوبة في الحُصول على حقهن في الصحة خاصة مع تعمد تدمير المرافق الطبية المُستهدفة من الطيران الحربي والمدافع الأرضية التي نتج عنها إنهيار القطاع الصحي بنسبة 70% وفقـاً لما أعلنت عنه الأمم المُتحدة، وهنالك ازمة صحية حادة خاصة مع انتشار الأمراض و الأوبئة مثل الــ كوليرا و حمى الضنك التي تسببت في حدوث وفيات عدة في مناطق مختلفة، ومعاناة اخرى تواجهها النساء الحوامل ومحاولات الحصول على الرعاية الصحية حيث يحتجن لفحوصات دورية اثناء فترة الحمل و في حالات الطوارئ تضطر النساء لقطع مسافات طويلة لـ الذهاب الى المستشفيات وبعضهن اضطررن لولادة أطفالهن على جانب الطريق وأخريات تعرضن لـ الإجهاض، وكل ذلك نتج بسبب القيود التي تفرضها القوات المُسلحة التي تتحكم في الحركة وتفرض سيطرتها على الشوارع التي يتم إغلاقها لعدة أيام أو حتى أسابيع.
اما النساء العاملات في المناطق الريفية اللاتي يعملن في إنتاج المحاصيل الزراعية وتربية المواشي وتعد مُشاركة مباشرة منهن في الأقتصاد السوداني يواجهن تحديات في حياتهن اليومية من قبل الحرب، وأصبحت هذه التحديات أكثر صعوبة منذ اندلاع الحرب التي زادت من معاناتِهن و بؤسِهن وزيادة الفقر والنزوح وانعدام الأمن والغذاء، مما خلق عبئًا إضافيًا عليهن ولكن الكارثة الأكبر تكمن في إستهداف النِساء المباشر بـ الغارات الجوية من قبل الطيران الحربي كـ محاولة لـ إغتيالهن وهنالك محاولات إغتيال معنويه يتعرضن لها كــ “حرق المحاصيل الزراعية و قتل الماشية” لــ تدمير مجهوداتهن الذاتية وهنالك حملات إستهداف و تحريض من بعض شيوخ الدولة الذين سردو فتاوي تحلل قتلهن وتم تصنيفهن كـ حواضن إجتماعية لـ مؤسسة عسكرية تم ايجازها سابقاً من البرلمان السوداني كما أن بعض نشطاء مواقع التواصل الأجتماعي الداعمي لـ الجيش الديكتاتوري الأرهابي يرددون خطابات الكراهية التي تحمل الكلمات الخادشة لـ الحياة بكل جرأة و يرددون الأساءة لهن والتحريض ضدهن بغرض الأقصاء السياسي وممارسة التميز الأجتماعي و الأقتصادي ضدهن ونسب التهم الباطلة لـ التغطية علــى افعالهم البذيئة وتبرير جرائم الجيش ضدهن.
معاناة النساء وتحديات الصراع خارج السودان
في إثيوبيـا هنالك 6 الاف لاجيء حسب تقديرات الأمم المتحدة في معسكر “أولالا” في إقليم أمهرا يعيشون في الغابات ويعانون من كارثة انسانية كبيرة خاصة النساء التي يتعرضن لـ محاولات الخطف و القتل و الأعتداء الجنسي من قبل قوات التيغراي وتعلو أصوات النساء وندأت الأستغاثات التي أطلقتها السودانيات بذلك الأقليم ولا نجد اي إستجابة من حكومة البُرهان الغير شرعية بل نرى التجاهل الكامل لـ ازمتهن حتى وبعد 100 يوم من المعاناة شهد صباح الثامن من أغسطس هجرة جماعية للاجئين حيث قرروا العودة إلى السودان سيرًا على الأقدام؛ بسبب مخاوف أمنية وإنسانية.
اما في مصر فـ معاناة النساء مُختلفة هُنالك عدة شهادات من الفارات اللاتي تعرضن لـ خطر الموت والاختطاف والسرقة والابتزاز وحوادث السير المروعة و اخريات فقدون ذويهم، وتدعي مصر بأنها لا تفرض على اللاجئين الذين يصلون إليها قيودًا متعسفة في تحركاتهم لكنها نفذت حملات ترحيل لـ بعض اللاجئين أو طالبي اللجوء بينهم نساء خاصة الذين دخلوا أراضيها بطرق غير قانونية مُتجاهلة انهم هربا من نيران الحرب التي تعد مصر اكبر مُسبب لها، أيضاً هناك ما يعكر صفو العيش مثل التعليقات السلبية التي يوجهها الشارع المصري ضد اللاجئين وخاصة ذوي البشرة الداكنة.
أصبحت ظروف الحرب ازمة تواجه النساء وخاصة العنف الذي يعد أقوى ضربة تستنزف النساء وتزيد من معاناتهن وهي سلسلة إستهدافات تمارسها سلطات حكومة البرهان الـ غير شرعية التـي تتجاهل الأزمة ومما قد يؤثر سلبًا على النساء، وبالرغم من كل المعاناة و العنف فهن يظهرن قدرتهن العاليـة على الصُمود لكن دعمهن وحمايتهن يعد أمر ضروري، ويبقى السؤال الحقيقي من يتحمل مسؤولية جرائم الحرب والعنف الموجهة ضد النساء وحمايتهن في ظل استمرار الحركة الأسلامية في ارتكاب انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان ضد النساء اللاّتي تعرضن لـ كافة أنواع الأستغلال وسوء المعاملة والأستهداف المباشر بـ المدافع الثقيلة او الطيران الحربي خاصة مع عدم قدرتهن على النزوح الى مكان أمن مع الأزمة الاقتصادية الحادة وتجاهلت حكومة البرهان الغير شرعية جميع حقوقهن في الأحتياجات الأساسية التي تعد شبه معدومة.
ختاما إني أرغب في تسليط الضوء على العنف الموجه ضد النساء في حرب السودان تزامنا مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، و أسلط الضوء على الأوضاع “الكارثية” التي تعيشها النساء منذ اندلاع الحرب، وذلك في ظل صمت بعض المتضررات خوفا من الوصم الاجتماعي و صعوبة ايصال نداءات الإستغاثات، و أود ان انفي كل التهم السافرة الموجهة ضد النساء و التي تأتي ضمن سلسلة أعمال العنف و جرائم الحرب الموجهة ضدهن وكل هذه الممارسات تعد محاولة لـ التغطية على الأنهزامات المتتالية و الفشل الذريع لـ جيش الحركة الأسلامية الذي فقد عقله تماما وفشل في التعامل مع أزمـة النزاعات الداخليه، وأدين بـ أشد العبارات كل الانتهاكات والأعتقالات والممارسات وجرائم الحرب الموجهة ضدهن واذكر بـ ضرورة و أهمية التحرك لحماية النساء وضمان سلامتهن، ووضع حد لـ الجرائم و الأنتهاكات واعمال العنف الموجهة ضدهن و المطالبة بـ المسأله و العدالة لهن.