علي أحمد
لا أعرف ما الذي أفرح كيزان (السجم) وبرهان (الرماد) بالفيتو الروسي الذي أكد مراقبون ومحللون أنه اُتخِذ دون تنسيق مع حكومة بورتكيزان، لكنهم فرحوا له، وهاج وماج البلابسة والكيزان ولاعقو أحذية العسكر ومناصرو المليشيات وبائعو الذمم، ورقصوا (صقرّية) على ساحل البحر الأحمر وشواطئ وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن قبل أن تنقضي حلبة (صقرِّية) الفيتو الروسي، سمع الراقصون صوت (نُقارة) الاتحاد الأفريقي وهي تقرع في العاصمة الإثيوبية، عاصمة الاتحاد، بقرارٍ يقضي برفض استعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، والتي تم تعليقها عقب الانقلاب العسكري الذي دبّره عبد الفتاح البرهان وكيزانه في أكتوبر 2021.
وأكد مفوض الاتحاد الإفريقي، “بانكولي أديوي”، على التزام المنظمة بـ”عدم التسامح مطلقًا مع الانقلابات واعتبارها خطوات غير دستورية”، مُشدداً على أن الحل العسكري للأزمة السودانية غير ممكن دون مشاركة الفاعلين المدنيين والسياسيين، مع التطرق إلى التحديات الرئيسية مثل توزيع السلطة الإقليمية، حماية الفئات المهمشة، وتقديم المساعدات الإنسانية. كما أعرب الاتحاد الإفريقي عن قلقه إزاء التدخلات الخارجية في الشؤون السودانية.
بالطبع نال الاتحاد الأفريقي نصيبه من شتائم الكيزان وإعلام الحرب البلبوسي، ولكن طال الزمن أم قصر، سيُحال ملف الأزمة السودانية إلى أفريقيا. فالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين، وحتى روسيا صاحبة (الفيتو) الراقص، لا يصنفون السودان ضمن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما يعتقد بعض العرب (المستوهمة) وسطنا، وإنما من دول شرق أفريقيا. وهذه الدول في غالب الأمر توكل ملفاتها إلى الهيئة الحكومية (إيغاد). أولاً، لأنهم يرون أن الاتحاد الأفريقي نفسه (كبير عليها)، ثم إذا تعثرت جهود (إيغاد) يتدخل الاتحاد الأفريقي، وإذا فشل، ففي الغالب يتركون الحرب تستمر لعقدين أو ثلاثة أو أربعة. لا أحد يهتم بحكومات وشعوب تتقاتل ليل نهار على اللا شيء، ولا أحد يهتم بجنرالات فاسدين ينقلبون على الحكومات الشرعية في بلدانهم بين ليلة وضحاها، ثم يسومون شعوبهم الويل والثبور وعظائم الأمور، كما يفعل الجنرال التائه البرهان، الذي أشعل حرباً لا أرضاً بلغ بها ولا ظهراً أبقى.
هناك حكمة سياسية في هذا العالم/القرية، تتلخص في: “إنك إن عجزت عن تخطي عقبة الإقليم، فلن تتمكن من بلوغ العالمية”. لكن عقلية العسكر هي عقلية العسكر؛ لا تستوعب حتى أنها فشلت في أداء وظيفتها التي جُبلت عليها، وهي الحرب التي بلغت عاماً ونصف، ولم يتمكن جيش البرهان وكيزانه وكتائبهم ومليشياتهم المتحالفة معه من حسمها. كما خذلت الشجاعة هذا الجنرال ضعيف القدرات السياسية والعسكرية، عديم الكاريزما القيادية، ليعترف بفشل الحل العسكري وصعوبة الانتصار في الحرب، ويجلس إلى التفاوض. لكن الرجل ما يزال يحدثنا عن انتصارات (غير مرئية)، انتصارات بأصوات معتوهي التيك توك والفيسبوك من مجندي أفشل جهاز أمن واستخبارات في العالم. جهاز أمني يبرع في الإيقاع بين القبائل والخصوم السياسيين، وفي شراء الذمم واللعب على التناقضات المجتمعية، لكنه في الحروب “نعامة ربداء تجفل من صفير الصافر”، وفي الخصام غير مُبين.
فرصة بعد أخرى تمرّ من بين قدمي الجنرال البرهان، لذلك تجدونه يفضل العيش داخل الأوهام ويختبئ من الحقائق، حتى إذا ظن نفسه انتصر، وجد الهزيمة تحيط به من جميع الجوانب. فالرجل يزداد تخبطاً يوماً بعد آخر، وقريباً سيسقط مغشياً عليه، وتنهض بلادنا حرة أبية من جديد.
السلام والحرية والازدهار لماما أفريكا