الصحفي: ابوعاقلة ماسا
خروج أربعة كانوا في قوائم الموتى وبينهم بن عمي عبود
- بينما كنت أتجول في شوارع أبوعشر مع أحد أصدقائي من أبناء الهلالية، إذا به ينتفض ويحتضن أحدهم ما بين دهشة وشوق وفرحة، إعتقدت الأمر عادي ونحن في ثنايا كارثة إنسانية قضت على ما يفوق (٤٥٠)شخصاً حتى الآن، ولكن صديقي بالغ في زرف الدموع.. وبعد قليل تمالك نفسه وبدأت أنفاسه تعود للوتيرة الطبيعية، فقال لي: هذا الشخص ورد اسمه في قائمة المتوفيين من أبناء الهلالية ولكنه ظهر اليوم هنا بأبي عشر ضمن ثلاثة كانوا أرقاماً ضمن الموتى..!!
- ألجمتني الدهشة والحيرة، وهربت إلى نفسي للحظات تذكرت فيها بن عمي عبود شريف، والذي جاءنا خبر وفاته وحدث الفزع والجزع وامتلأ فناء بيتنا بالرجال والنساء من أهلي وجيراني يبكون بحرقة..
- كنت نائماً وصحوت مذعوراً وشقيقتي الكبرى توقظني وتخاطبني وترتمي فوقي بصوت باكي: ناس بيتنا في الهلالية كملو ياخي.. عبود مات..!
- حاولت أتمالك نفسي وسألتها: الجاب الخبر منو؟.. فكل الأخبار المشابهة في الفترة الأخيرة كنت أنا مصدرها، فقالت شقيقتي: بنات (فلان) جايات من الشبكة…
- طلبت منهم فرصة للذهاب إلى حيث استارلينك في محاولة للتبين ولم أجد سوى التأكيد.. استسلمت للأمر الواقع، وشعرت بهبوط حاد وأني اقترب من الغيبوبة، في ظل غياب شبكات الإتصال، وصعوبة التواصل مع الأسر التي هربت إلى أم ضوا بان في طريقها إلى شندي، وصباح اليوم التالي جاءت إحدى النساء وأضافت لنا الجديد من الأخبار المحزنة: عمرو ود أختك ناهد برضو اتوفى.. لم يتوقف سيل الدموع خلال اليوم، ووفود المعزين لا ينقطع والكل يضيف معلومة جديدة.. وعشنا من الضغوط ما لايحتمله أحد، فأخي عبود هو كبيرنا وعمود الأسرة، ومحبوب بحكم أنه كبير أحفاد جمعة..!
- بعد أن التقيت بالرجال الثلاثة الذين خرجوا من كشوفات الموتى.. شعرت بأن هنالك أمل بأن يكون عبود على قيد الحياة، فنحن لم نتواصل مباشرة مع أحد.. ثم جاءتنا البشارة.. عبود حي يرزق.. ليس إلى هذا الحد فقط.. عبود غير مريض من الأساس، بل يتولى دوره الذي عرفناه قائداً وناصحاً وموجهاً لنا.. وهو في أم ضوا بان يتولى تفويج النازحين إلى شندي..
اللهم لك الحمد من قبل ومن بعد.. اللهم ارزقه عمراً مديداً عامر بالعافية وأعمال الخير..