رأى الخبراء أن التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها مالك عقار، بشأن انتشار العنصرية داخل مؤسسات الدولة، تمثل “إشارة إلى ظهور مخططات تهدف إلى تقسيم البلاد على أسس عنصرية وجهوية”. قال مالك عقار، نائب الفريق عبد الفتاح البرهان في مجلس السيادة، خلال مؤتمر شبابي في بورتسودان يوم السبت: “نحن نعيش في زمن التفاهة، حيث تنتشر العنصرية في جميع مؤسسات الدولة”. وأضاف: “هذا الأمر غير مقبول، ويجب تجنب هذه الأوبئة من أجل تأسيس الدولة السودانية”.
مخطط عنصري
وعن حديث مالك عقار، يوضح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أبو عبيدة برغوث أن “الحرب كانت في الأصل خطة عنصرية من مجموعة من الحركة الإسلامية، التي لا ترغب في وصول الهامش إلى السلطة”. ذكر، لـ”إرم نيوز”، أن الحركة الإسلامية التي كانت تحكم في فترة الرئيس السابق عمر البشير، قد انشقت في عام 1999 بناءً على أسس عنصرية وجهوية. أشار إلى أن نفس المجموعة التي استبعدت أبناء الهامش من الحكم في ذلك الوقت، هي التي تسيطر الآن على قرار الحرب. وأضاف أن “مالك العقار فهم هذه الحقيقة مؤخرًا، لأن هؤلاء أصبحوا صرحاء في تعبيرهم عن العنصرية، وقد يكون قد عاشها بشكل مباشر، حيث تُمارَس داخل الجيش وفي مؤسسات الدولة”. وأشار إلى أن “عقار” كان قد ذكر سابقًا أنه الرجل الثاني في الدولة، والآن يتحدث عن وجود العنصرية داخل مؤسسات الدولة.
فهل وجد هذه العنصرية داخل مؤسسته إلى حد وصفها بالتفاهة، حسب قوله. وأشار برغوث إلى حديث العقيد محمد عثمان بيلو، الذي انشق عن الجيش في الأيام الأخيرة وانضم إلى قوات الدعم السريع، حيث كشف عن انتشار العنصرية داخل الجيش السوداني، ووقوع تصفيات لضباط بناءً على أسس عرقية وجهوية. وذكر أن “هذا الاتجاه يعتبر في غاية الخطورة، ويؤشر إلى كارثة تفكك السودان استناداً إلى عوامل عنصرية وإقليمية، وهو ما تسعى إليه وتعمل عليه حكومة بورتسودان، التي ترغب في أن يتفكك السودان إلى دويلات فاشلة في إطار قبلي”.
تفكيك السودان
من ناحيته، يعبر المحلل السياسي عمار الباقر عن اعتقاده بأن تصريحات مالك عقار تدل على وجود العنصرية في مؤسسات الدولة، وعلى مستوى القيادات سواء في الجيش أو مجلس السيادة. كما أشار إلى تحول لهجة عقار مؤخرًا بعدما كان داعمًا للبرهان في رؤيته وأفكاره. وأشار الباقر في حديثه مع “إرم نيوز” إلى أن “عقار” قد أدلى بتصريحات مماثلة قبل يومين، حيث ذكر أنه “إذا لم نتشبث بوحدة البلاد، فإن شرق وشمال البلاد سيتعرضان للانهيار”.السودان”يبدو أنه يشير إلى وجود خطة للتخلي عن مناطق في البلاد من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في شمال وشرق السودان، وفقًا لما ذكره.” وأوضح أن “هناك بالفعل مخطط لتقسيم السودان على أسس عرقية وجهوية لدى الحركة الإسلامية التي تتحكم في قرار الجيش السوداني، حيث تسعى لإنشاء دولتها فقط على أراضي شرق وشمال السودان”. استند الباقر في حديثه إلى انتقال السلطة عقب اندلاع الحرب الحالية، إلى مدينة بورتسودان، حيث تم اختيارها كعاصمة مؤقتة. وأضاف أن “مالك عقار قد يكون قد عاش تجربة تطبيق هذا المخطط بشكل عملي، مما جعله يتحدث بصراحة عن العنصرية الموجودة في الدولة، خاصة أنه ينتمي إلى إقليم النيل الأزرق الذي يقع خارج حدود الدولة التي تتصورها الحركة الإسلامية”، بحسب قوله.
قال مصدر سياسي في حديثه لـ”إرم نيوز”، إن عودة حزب المؤتمر الوطني المحلول، برعاية الجيش، ترتبط بمخطط لتقسيم السودان، كخيار أخير للحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي، يضمن لها الاستمرار في الحكم. قال المصدر لشبكة “إرم نيوز”، إن “المجموعة التي ظهرت باسم المؤتمر الوطني لا تمثل جميع أنصار الحزب المحلول، بل تمثل فقط مجموعة علي كرتي التي تهيمن على قرار الجيش السوداني، وتسعى لفرض أجندتها الخاصة على حساب مصالح جميع السودانيين”.
أشار إلى أن “مجموعة المؤتمر الوطني التي بدأت تعود إلى الساحة يترأسها إبراهيم محمود حامد، وهو رجل علي كرتي، الذي لديه علاقات مع دولة إريتريا، وكذلك مع الأمين داؤود قائد ما يُعرف بـ ‘الأورطة الشرقية’، وهي الميليشيا الجديدة التي أعلنت عن نفسها في شرق السودان بالتزامن مع عودة المؤتمر الوطني إلى الساحة”. وأفاد المصدر بأن “خطة هذه المجموعة تعتمد على تقسيم السودان من خلال تدخل دول جارة، بهدف التخلص من قوات الدعم السريع”. وأضاف أن “هذه المجموعة ستشرع فعليًا في تنفيذ مشروع دولة النهر والبحر الذي تم الترويج له من قبل الناشطين في الفترة الأخيرة”. يشمل المشروع شرق السودان والولايات الواقعة على ضفاف نهر النيل، حيث يهدف إلى تأمين هذه المناطق، مما يتيح استئناف الأنشطة الحكومية فيها، لا سيما في قطاع التعليم. بينما ستظل باقي مناطق البلاد خارج هذه الحالة، وسيتم التعامل معها لاحقًا كمنطقة صراعات يمكن فصلها وتقسيمها، وفقًا لما ذكره المصدر.
وشدد على أن “مخطط دولة النهر والبحر لا يمكن تطبيقه دون دعم من دول إقليمية، مما جعل القائمين عليه يستعينون بإبراهيم محمود، رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، لإنشاء تنسيق مع الجانب الإريتري في شرق السودان، وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها في الأورطة الشرقية”، بحسب قوله. توقع المصدر أن “تبدأ مرحلة تمهيدية لفصل إقليم دارفور من خلال تشويه سمعته في نظر الرأي العام، وعزله عن خدمات الدولة، خصوصاً في مجال التعليم، وربما تغيير العملة، وغيرها من التدابير التي قد تدفع سكان الإقليم للتفكير في الانفصال وإقامة دولتهم المستقلة”. وأكد المصدر أن “خطط تقسيم السودان ستتحقق في حال لم يدرك السودانيون ذلك، ويتخذ العالم خطوات للضغط على أطراف النزاع لوقف الحرب وتجنب السودان خطر التفكك”. أعلن بنك السودان المركزي، الذي يدير الجيش، يوم السبت عن نيته تغيير العملة الورقية، على الرغم من توقف عمل المصارف في جميع أرجاء إقليم دارفور وولايات “كردفان، والجزيرة، والخرطوم”، مما يجعل الكتلة النقدية في هذه المناطق غير موثوقة. اعتبر مستشار قائد قوات الدعم السريع، أيوب نهار، في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن هذه الخطوة تندرج ضمن خطة حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بهدف الضغط على سكان دارفور ليختاروا الانفصال.