بروف/ حسن سراج الدين
ظلت مشاركة التيار الاسلامي المتطرف وكتائب الحركة المتأسلمة والمتشددين من تكفيريي داعش والنصرة منذ بداية حرب ابريل في الخرطوم محل انكار شديد من قبل قيادة جيش الفلول رغم وضوحها وانكشاف امرها للعامة حتى اعترف مساعد القائد العام وعضو المجلس الانتقالي الفريق ياسر العطا في حوار شهير بوجود تيارات إسلامية تقاتل مع الجيش، الامر الذي عده الخبراء العسكريين اول اعتراف رسمي علني بعد ان استحال التستر والانكار من خلال الوجود الفاعل ومظاهره اللافتة حتى اصبح من المسلمات التي لايختلف عليها اثنان.
لايخفى على احد من المتابعين ان هنالك خليط من مختلف التيارات المتشددة يقاتل في صفوف جيش البرهان، بل ويتحكم في مفاصل اداراته واقسامه المؤثرة، تم تجميعه من عناصر لكتائب البراء، والبنيان المرصوص، ومجندي الدفاع الشعبي الكيزاني، والإرهابيين، وخريجي السجون والداعشيين.
كما أشارت الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أماني الطويل الي ذلك بقولها: “الإسلام السياسي بيستخدم الجيش للحفاظ على حصتهم في كيكة الحكم المستقبلية والمشكلة الكبيرة هي أن ضغوط الإسلاميين على الجيش تهدد السودان وربما تفتته وأن الذين يقودون الحرب الآن هم الإسلاميين الذين خرجوا من السجون وهم بذلك يريدون تحرير رقابهم من المساءلة والإسلاميون يقومون بتخوين الحرية والتغيير وهم على الأرض ومعهم السلاح الذي تم جمعه عبر تأريخهم الطويل من خلال كتائب الظل والجبهة الإسلامية ، حيث يضغطون ويعملون من أجل مصالحهم الضيقة والضحية هو الوطن”.
يؤكد عدد من الخبراء والمصادر الأمنية الرفيعة ان وجود الارهابيين في صفوف الجيش والقتال معه ضد قوات الدعم السريع يعتبر اكبر المهددات للأمن القومي السوداني، وهي حقيقة ليست قابلة للانكار بحيث رصدت استخبارات الجيش الامريكي بالافريكوم عددا من الاتصالات بين عناصر للحركات الارهابية وعنصرين من قيادات الجيش الرفيعة باحدى دول الجوار! هذا بخلاف ما يعلمه الجميع من ان فترة الانقاذ النظام البائد، الذي يتحكم عناصره وكبار قياداته ورموزه الان في المشهد السياسي بالبلاد، من وراء ستار اختطاف الجيش وسلطة الامر الواقع، قد كانت اكثر فترات الحكم الوطني بالبلاد تشييدا لبنية الارهاب الدولى العالمي بصورة لا تخطئها العين، بحيث احتصنت زعيم القاعدة اسامة بن لادن والارهابي العالمي كارلوس وكثير من ارهابيي جبهة النصرة ومتشددي التيارات الاسلامية وعناصر الاخوان المسلمين من التنظيم الدولي ، وشكلت لهم ملاذا آمنا ومنحتهم الجنسية السودانية والجوازات الدبلوماسية للتنقل بكل حرية بين الدول وداخل البلاد، وتوسيع اعمالهم التجارية واستثماراتهم ، لغسيل المال القذر من تهريب السلاح والمخدرات، التي كانت تنقل عبر الطيران الرسمي للجيش من مطار صافات منظومة الصناعات الدفاعية، ومدِّهم بعناصر من الشباب السوداني للمساعدة في القتال بمناطق حروبهم الملتهبة في ليبيا ومالي والعراق وسوريا، ورفدهم بحرائر السودان من فتيات ارقى جامعات البلاد للمساهمة فيما عرف بنكاح الجهاد تحت سمع وبصر الاجهزة الامنية السودانية، التي كانت تشكل غطاءاً أمنيا وقانونياً لعمليات الجماعات الاسلامية المتطرفة، ورعاية مصالحها في المحيطين الاقليمي والدولي بما انعكس علي وضع البلاد في القائمة الامريكية السوداء للدول الراعية للارهاب وهي الان تمتطي ظهر الجيش وتعيد ذات السيناريو القديم بتحالفاته مع الحركات المتطرفة والاسلاميين المتشددين.
عانى ويعاني الشعب السوداني الآن من الجماعات الارهابية المتطرفة، في ظل ركوبهم موجة الحرب العبثية، واختطافهم لقرار الجيش، قتلا وتبشيعا ومُثلة! وبقر البطون والاحشاء والذبح، في ابشع صور الارهاب العالمي، دون ان يجدوا من يتصدى لقسوتهم، ويحمي الشعب المغلوب على أمره من عسفهم، سوى قوات الدعم السريع التي اشارت في خطاب قائدها الفريق اول محمد حمدان دقلو الذي وجهه بمناسبة انعقاد الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة في دورتها العام الماضي، الي انها تقاتل التيارات الاسلامية المتشددة ، والدواعش الذين يقبع زعيمهم محمد علي الجزولى اسيرا في قبضة الاشاوس، وهو من بايع ابان حكم الانقاذ ومن على منبره ابوبكر البغدادي زعيم دولة العراق والشام “داعش” ونصحه بالزحف نحو الخرطوم! دون ان تتم محاسبته سوى حبسه اياما فقط! خرج بعدها ليقود عملية امداد داعش بطلاب جامعة مأمون حميدة تحت ستار رئيس جمعية الفكر والثقافة بالجامعة.
تنبه باكرا رئيس وزراء المرحلة الانتقالية المستقيل الدكتور عبدالله حمدوك بعد أن توافرت لديه المعلومات، وتكشفت له الحقائق، واصبحت بين يديه، بحكم موقعه كرأس للسلطة بالبلاد، ووقوفه علي حجم بنية الارهاب التي شيدتها الانقاذ وقدرتها على الصمود والعودة من جديد.
حيث اشار في حوار له مع واشنطون بوست، ابان رئاسته لمجلس الوزراء، وهو يطلب من المجتمع الدولى مساعدة البلاد في استكمال المسار المدني الديموقراطي بقوله: اذا انزلق السودان سوف تكون داعش نزهة! وهو ما يحدث الآن من خلال استغلال هذه الجماعات لأجواء الحرب، وضعف الجيش وحوجته لها في القتال، بحيث استحكم لها الوضع واصبحت أعلى صوتا من سلطة الامر الواقع، باناشيدها وشعاراتها وأعلامها وهي تفتخر على الجيش بانه لولا قتالها الي جانبه، لهزمه الدعم السريع منذ الشهر الاول للحرب.
يظل الوجود الفاعل للحركات الارهابية والتيارات الاسلامية المتشددة بالبلاد، ضمن مشاركتهم القتال مع جيش البرهان المختطف، تهديدا للأمن القومي السوداني في المقام الاول، و مصدر قلق دولي ومحلي بتهديد السلم والامن الاقليمي والدولي، وقد أشار لذلك رئيس بعثة يونيتامس السابق فولكر بيرتس، الاسبوع المنصرم ،في حوار مع مجلة زينيت الألمانية، محذرا التباطؤ الدولي وتجاهله ازمة الحرب في السودان، وعدم اتخاذه لقرارات صارمة من اجل ايقافها، قبل انزلاق البلاد الي التقسيم والانهيار بقوله: “قد تؤدي تجزئة السودان إلى خلق ممر لعدم الاستقرار يمتد من مالي إلى البحر الأحمر.
ومن الممكن أن ينمو محور جديد بين الجهاديين من شرق السودان إلى بوكو حرام في نيجيريا، أو بين ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى وجماعات أخرى في منطقة الساحل عبر دارفور إلى البحر الأحمر”.
لكل ذلك يرى المراقبون ضرورة النظر لحرب الفلول وخطورتها في تهديد الامن القومي السوداني والسلم والامن الدوليين من خلال المشاركة الواسعة لكتائب الارهابيين والتيار الاسلامي المتشدد وعناصر الحركات التكفيرية في ادارة الحرب.