قال المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ ” أن المعطيات الحالية تظهر أن الحرب في طريقها للانتقال لمواجهات أوسع وأعنف مع تنامي فرضيات انتقالها لأماكن جديدة من واقع وضعية إعادة التمركز والانتشار وجبهات المعارك، ففي أكتوبر (تشرين الأول) فقط شاهدنا انتقال الحرب إلى منطقة شرق الجزيرة ومناطق من ولاية النيل الأبيض وزيادة استنفار وانخراط مجموعات قبلية وإثنية لم تكن منخرطة، بخاصة في شرق السودان ودارفور وغرب كردفان، وهي مؤشرات واضحة لشكل المعارك المتوقعة التي لم تهدأ أو تنحسر حتى في ظل فصل الخريف، فكيف سيكون المشهد والواقع بعد انتهاء موسم الأمطار وفتح الطرق مجدداً؟ للأسف الواقع يشير إلى أن القادم في الحرب هو أعنف وأوسع نطاقاً وأكثر تدميراً من واقع مستوى تسليح الطرفين”.
وتابع في تصريحات لجريدة اندبندنت عربية: “ما سيفاقم الأوضاع هو حالة الانسداد الناتجة من فشل محادثات جنيف وترقب المحيطين الدولي والإقليمي لنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، وأياً كانت النتيجة فمن المؤكد أن الإدارة المنتخبة ستحتاج بعض الوقت ريثما تستكمل ترتيب أوراقها وبيتها الداخلي، وهو إجراء يستغرق وقتاً أطول في حال فوز دونالد ترمب ويمتد الغياب الأميركي حتى بداية الربع الثاني من عام 2025، وهذا سيكون لديه تأثير مباشر على مساعي وقف الحرب، وفي ظل وجود تجاذبات إقليمية ودولية فإن المشهد يظهر صعوبات بالغة وخطى متعثرة من أجل وقف الحرب”.
ونوه أبو الجوخ إلى أن ذروة رد الفعل لن تخرج من الإدانات أو عقوبات تطاول أفراداً وقادة فيما تستمر المواجهات بين الطرفين، وفي ضوء هذا التعقيد والتشابك سيكون من الصعب إصدار قرار بنشر قوات لحماية المدنيين عبر مجلس الأمن الدولي، وحتى أن إصدار قرار بواسطة مجلس السلم والأمن الأفريقي مرهون بانتظار إكمال انتخاب هياكل الاتحاد الأفريقي في فبراير (شباط)، بالتالي نجد أن كل الإجراءات ستكون مؤجلة حتى الربع الأول من العام المقبل.
وواصل “في رأيي أن جولة المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو الحالية لدول الجوار تهدف في الأساس لتحسين سجله الشخصي منذ تكليفه بهذا الملف، بخاصة بعد الانتقادات العنيفة التي تعرض لها لفشله في محادثات جنيف واتهامه بتقديم تنازلات لقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان من دون الحصول على مكاسب، لذلك لا أتوقع أن تنجح محاولة الـ25 ساعة في ما فشلت فيه المحاولات السابقة لا سيما أن الأطراف الإقليمية والدولية تترقب تغييرات في الإدارة الأميركية سواء فازت مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس أو الجمهوري دونالد ترمب، بالتالي قد تكون هذه الجولة هي الأخيرة له في المنطقة قبل الإعلان رسمياً عن إنهاء مهمته”.
وختم المحلل السياسي “لم تترجم أقوال بيرييلو أفعالاً ونتائج ملموسة على الأرض، وفوق ذلك أثبتت الوقائع فشل استراتيجيته للتقرب والتودد لقائد الجيش السوداني على رغم تقديم الأول تنازلات دبلوماسية كبيرة في اجتماع جدة مع وفد حكومة بورتسودان، ثم محادثات جنيف، وأخيراً اجتماع القاهرة الذي فشل لعدم وصول وفد الجيش السوداني على رغم حضور وزير الخارجية الأميركي بلينكن. لذلك أعتقد أن بيرييلو لم تعد في جعبته محفزات ترغيب ولا مخيفات ترهيب، وفاقم منها التوقيت المرتبط بانتخابات الرئاسة الأميركية، ولكل ذلك فإن المعطيات تشير إلى أن جولة بيرييلو لا تعدو بأن تكون للعلاقات العامة والإعلام وتحسين صورته الشخصية ولن تحقق أي نتائج ملموسة”