محمد ضياء الدين
تمر العلاقات بين السودان وجنوب السودان مؤخرا بمرحلة حساسة، خاصة بعد إعلان اتفاق غير مسبوق بين حكومة جنوب السودان وقوات الدعم السريع، يهدف الاتفاق إلى تسهيل نقل النفط الجنوب سوداني عبر الأراضي السودانية وصولاً إلى ميناء بورتسودان.
يعتبر هذا الاتفاق تحول لافت، أبرز ما فيه انه تم دون مشاركة الحكومة السودانية كطرف مباشر، مما يثير العديد من التساؤلات حول جدوى هذا الحدث الذي وضع الحكومة السودانية أمام تحديات جديدة.
معلوم أنه ومنذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تعاني البلاد من اضطرابات أمنية وفوضى أضعفت سيطرة الحكومة المركزية على مناطق إستراتيجية مهمة.
في ظل هذا الإنفلات، إضطرت دولة جنوب السودان إلى البحث عن ترتيبات بديلة تضمن إستمرار تدفق نفطها، مما أدى إلى الاتفاق مع قوات الدعم السريع التي تسيطر على مواقع حيوية على طول خط الأنابيب. عليه فإن تفسير الصمت الرسمي للحكومة السودانية، يؤشر إلى موافقة ضمنية غير مُعلنة، حيث قد ترى حكومة بورتسودان في ذلك فرصة للإستفادة من عائدات رسوم العبور دون أن تضفي شرعية كاملة على الاتفاق.
كما قد يعكس هذا الصمت الرسمي لحكومة بورتسودان نهجاً سياسياً براغماتياً حذراً، إذ ربما تتجنب تأكيد سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق حيوية، وذلك خشية إضعاف موقفها أمام المجتمع الدولي أو إثارة تدخلات دولية. ورغم ذلك، تمر العلاقة بين جوبا وبورتسودان بمرحلة دقيقة، إذ قد يخلق هذا الحدث توترات جديدة، خاصة إذا شهد الوضع الأمني تغييرات على الأرض أو تدخلت أطراف إقليمية ودولية للحفاظ على إستقرار تدفقات النفط الجنوب سوداني.
يمكن النظر إلى هذا الاتفاق، بشكل عام، كحل مؤقت أملته الظروف الأمنية المضطربة في السودان، ربما يكون الإتفاق قد صُمم لتستفيد منه الأطراف الثلاثة (حكومة جنوب السودان، الحكومة السودانية، وقوات الدعم السريع) دون فرقعات إعلامية. ومع ذلك، من المرجح أن يخضع هذا الاتفاق للتغيير مع تطورات المشهد السياسي والأمني، أو إلى حين التوصل إلى ترتيبات بديلة تضمن تصدير النفط بآلية أكثر إستقراراً وبتوافق رسمي بين جميع الأطراف المعنية.