علي أحمد
حاول بعض مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي التقليل من شأن تغريدة وردت على حساب موثق بمنصة (X)؛ تويتر سابقاً، باسم الباحث الإسرائيلي إيدي كوهين، فحواها: “إن جماعة الإخوان السودانية هددت قبل أيام باستهداف تشاد. وأن جبريل إبراهيم، وزير المالية، سافر سراً، الثلاثاء 22 أكتوبر، إلى مناطق تسيطر عليها بوكو حرام، حيث وضعت خطة هناك أفضت إلى استهداف بوكو حرام لتشاد”. ثم هدده بقوله: “لا تنس يا جبريل أن البيجر لديك مختلف، وأنت كنت زولنا ورقة وقلم”.
لكن التقليل من شأن هذه التغريدة لا يغير من الواقع شيئاً ولا يغير من جبريل ملمحاً، فهو من ناحية إخواني إرهابي منهجاً وعقيدة، ومن ناحية أخرى سبق له أن خرج متمرداً مختاراً سبيل النضال العنيف ضد تنظيمه وحزبه الحاكم (المؤتمر الوطني)، وبالتالي فهو رجل متطرف دينياً ونزاع نحو العنف، وهذه هي مواصفات الإرهابي، وهذا هو عين الإرهاب، أليس كذلك؟
بالفعل، أعلنت تشاد عن مقتل 40 جندياً في هجوم لبوكو حرام على قاعدة عسكرية للجيش التشادي في منطقة بحيرة تشاد أمس الأول.
ما يثبت أن الإرهابي جبريل إبراهيم كان خارج البلاد في زيارة غير معلنة، أي سرية، هو أنه عندما كشف الصحفي الكوز عبد الماجد عبد الحميد أن جبريل ينوي الاستقالة من وزارة المالية لأنه يشعر بالقرف، ردت عليه حركة العدل والمساواة في بيان ذكرت فيه أن رئيسها “في مهمة خارج السودان”. فأين ذهب الرجل وما هي تلك المهمة التي لم تكن ليُعلن عنها لولا تسريبات الكوز عبد الماجد عبد الحميد؟ ولماذا تكون زيارة وزير مالية دولة – أي دولة في هذا العالم – سرية؟ إلا إذا كان هذا الوزير يؤدي مهام تخابرية، وهذا ما يعزز التغريدة أعلاه، وشخصياً أرجح أنه كان يجري مشاورات مع بوكو حرام، ولم لا، وهو من نفس (كار) الإرهاب والفساد؟!
بعيداً عن تغريدة كوهين، هناك معلومة لا يعرفها كثيرون عن هذا الكوز اللص الذي يدير مالية حكومة بورتكيزان على طريقة “الكاوبوي” (فيفتي فيفتي 50&50)، وينهب موارد الشعب الفقير المعدم المشرد في الآفاق بسبب الحرب التي تشنها جماعته (الإخوان) على الشعب وعلى البلاد.
المعلومة هي أن جبريل نفسه، لمن لا يعرفون، تم طرده من بريطانيا عندما كان يعيش لاجئاً مع أسرته في العام 2011، عندما توصلت السلطات البريطانية إلى أنه كانت لديه علاقة بأسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، وذلك إبان فترة عمله مديراً لشركة عزة للشحن الجوي قبل أن يتمرد. وهي شركة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، وتورطت الشركة تحت إدارته في نقل أسلحة لمجاهدين وإرهابيين في أماكن كثيرة حول العالم. وأتحدى جبريل إبراهيم وحركته أن ينكروا هذا الأمر، وأتحداهم مجتمعين أن يدخل جبريل بريطانيا مرة أخرى، فقد حُرّمت عليه تماماً منذ ذلك الوقت.
إنّ وجود هذا الإرهابي على قمة أي سُلطة، حتى ولو كانت مجازية أو متخيلة كما هي الآن في بورتكيزان، عار ووصمة على جبين كل شريف ووطني، ولولا أن مُشغله (البرهان) مثله في الخبل والجنون والإرهاب، لما جلس ساعة على مقعد وزير مالية السلطة المتخيلة هذه، حيث لا شك أنه يأخذ موارد البلد الشحيحة والمساعدات الإنسانية ويسخرها لخدمة الإرهاب ولمصالحه الشخصية ومصالح حركته التي ماتت منذ معركة قوز دنقو، وتم دفنها بواسطة قوات الدعم السريع، وتحولت إلى حركة لصوصية تعمل لصالح العائلة يديرها من خلف الستار ابن خاله اللص الفاسد بشارة سليمان، قبل أن يُحييها اتفاق جوبا، ثم ينفخ البرهان فيها من روحه النتنة ويعيد تسليحها وتدريب عناصرها ويمدها بالمال وسيارات الدفع الرباعي. فيا له من عاهة من عاهات هذا الزمان، لا يتعلم شيئاً ولا ينسى شيئاً.
الخلافات التي طرأت بين الإرهابيين المتحالفين في بورتكيزان، تبدو أنها في صالح الشعب السوداني، وأعتقد أن الله سبحانه وتعالى يستجيب لدعوتهم “اللهم شتت شملهم”، فقد تلاسن مناوي وفضح جبريل، وجيء بكيكل وأعلن عن جاهزية قوات الأمين داؤود لتحل محل العدل والمساواة وتحرير السودان (جناح مناوي) كحركات مرتزقة بديلة، وقريباً سنشهد المعركة الفاصلة. وهي معركة مؤجلة لكنها واقعة، طال الزمن أم قصر.
إذا أراد البرهان أن ينجو مما يحبكه جبريل، الذي في الغالب له علاقة بهجوم بوكو حرام ضد أقوى تجمع عسكريّ في منطقة الساحل والصحراء (الجيش التشادي)، فالمرجح أن الهدف النهائي ليس استهداف نظام محمد إدريس ديبي، الشهير بـ(كاكا)، بل جلب هؤلاء الإرهابيين من حول بحيرة تشاد ليحاربوا ضمن حركته منتهية الصلاحية، والمستهدف هنا هو البرهان بشكل أساسي، لأن جبريل قال على لسان عبد الماجد عبد الحميد إنه يشعر بالقرف، ولا شك انه قرف من هذا البرهان بالتحديد، ولم يقل من الدعم السريع أو تنسيقية القوى المدنية (تقدم)!
لقد وصلت الأمور بين الرجلين إلى حافة الهاوية، فكما يخطط البرهان لإحضار قوات الأمين داؤود وقوات الهارب كيكل تحت ادارة كتائب البراء التي تعلن هذه الأيام عن حملات تجنيد مجاهدين، لضرب اللصين المرتزقين (جبريل / مناوي)، فإن جبريل وحركته منتهية الصلاحية لن يقفوا مكتوفي الأيدي. فبوكو حرام والإرهاب الدولي موجود، وهو أحد أعمدته. لكن (البيجر) أيضاً موجود، كما غرّد إيدي كوهين.