(تقرير: بوابة السودان)
المقدمة:
يشهد السودان أزمة إنسانية متفاقمة نتيجة الحرب المشتعلة منذ 15 أبريل 2023. أدت هذه الحرب إلى قتل وتشريد وتجويع ملايين السودانيين، وتدمير البنية التحتية ومشاريع الإنتاج، وتفاقم نقص الغذاء والدواء في عدة مناطق، مما دفع المجتمع الدولي إلى إدانة استخدام “التجويع” كسلاح في الصراع.
ويواجه السودان حالياً كارثة إنسانية كبيرة، حيث يعاني نحو 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بينما تعاني مناطق مثل دارفور من مجاعة واضحة.
التجويع كسلاح:
أصبح استخدام التجويع أحد أدوات الحرب الرئيسية في السودان، وهو ما أثار قلقاً دولياً متزايداً. عمدت سلطة الجيش في مدينة بورتسودان إلى فرض قيود على المعابر الحدودية التي تعتبر شريان حياة للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك معبر “أدري” الحيوي على الحدود مع تشاد، الذي تهدد السلطات بإغلاقه تماماً. تشمل هذه القيود تأخير أو منع وصول المساعدات الضرورية من الغذاء والدواء، مما يضع حياة الملايين على المحك ويزيد من المعاناة الإنسانية في ظل صعوبة وصول الإغاثة إلى المناطق المحاصرة.
ورغم أن المعبر يقع عملياً تحت سيطرة قوات الدعم السريع، إلا أن منظمات الإغاثة الدولية تضطر إلى الحصول على موافقة سلطة الجيش في بورتسودان لأسباب سياسية وأمنية، خاصة في ظل الهجمات الجوية للجيش في دارفور.
ويطالب الجيش الآن بوجود فريق مكون من عناصر مخابرات وأفراد من الجمارك تحت حماية دولية على المعبر، أو اغلاق المعبر.
دور المجتمع الدولي:
دعت الولايات المتحدة، الأربعاء، على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، ماثيو ميلر، السلطات في بورتسودان إلى تمديد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد لما بعد 15 نوفمبر المقبل، وذلك بعد إعلان الحكومة في بورتسودان نيتها إغلاق المعبر. وأعرب ميلر عن قلق واشنطن بشأن التأخير بسبب ما وصفه بالبيروقراطية التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية الهامة لملايين السودانيين الذين هم في أشد الحاجة إليها.
كما حذر المبعوث الأميركي إلى السودان، توم بيريللو، الأسبوع الماضي من خطورة الوضع، مشيراً إلى أن الحواجز البيروقراطية والتأخيرات التي تفرضها مفوضية العون الإنساني التابعة لحكومة الجيش في بورتسودان قد منعت وصول المساعدات لأكثر من (7) ملايين شخص – بحسب قوله.
كذلك، دعت عشر دول غربية، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى ضرورة ضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية إلى المتضررين، مشيرةً إلى العرقلة المنهجية التي تمارسها بعض الأطراف. وشددت الدول الغربية على أهمية فتح الحدود والمعابر لتسهيل وصول المساعدات.
التعهدات الدولية والمحلية:
بعد محادثات جنيف التي نظمتها حكومة الولايات المتحدة، تعهد الطرفان المتحاربان بضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق. ومع ذلك، ما زال التنفيذ بعيداً عن الواقع. ورغم تأكيد قوات الدعم السريع المتواصلة على التزامها بتأمين وصول المساعدات الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، يواصل الجيش السوداني فرض قيود على توزيع المساعدات تحت مزاعم الأمن والسيادة، مما يشير إلى استخدام الأزمة الإنسانية كوسيلة ضغط في الحرب.
العواقب الإنسانية:
وفقاً لتقارير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نزح حوالي 11.3 مليون شخص جراء النزاع، بينما فر نحو 3 ملايين منهم إلى دول مجاورة. ومع تزايد أعداد اللاجئين وتفاقم الأزمة الغذائية، أعلنت المجاعة في مخيم زمزم في دارفور، مما يعد مؤشراً صارخاً على خطورة الوضع الإنساني. تواجه هذه المناطق الموت البطيء جراء نقص الغذاء والدواء، في حين لا تزال القيود المفروضة على وصول المساعدات عائقاً أمام إنقاذ الأرواح.
وسبق وصدر بيان مشترك في سبتمبر الماضي عن المجلس النرويجي للاجئين، والمجلس الدنماركي للاجئين، ومؤسسة “ميرسي كوربس” العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية في السودان، أفاد بأن السودان يشهد أزمة جوع طاحنة لم يشهدها العالم في التاريخ القريب.
الخاتمة:
تسهم العراقيل التي تحد من وصول الإغاثة الإنسانية للمحتاجين في السودان، من قبل الأطراف المتحاربة وتحديداً الجيش وحكومة بورتسودان، في تفاقم الأزمة الإنسانية من خلال استخدام التجويع كسلاح في الحرب. وفي ظل هذه الظروف القاسية، بات من الضروري تكثيف الضغوط الدولية لفتح المعابر الحدودية وضمان وصول المساعدات بشكل آمن.
إن استمرار سياسة العرقلة لن يؤدي إلا إلى تعميق الجراح السودانية وإطالة أمد معاناة الملايين من المدنيين الأبرياء.