✍أ.رشا عوض
و في السياسة نفسها شغال النوع الخبيث والمدمر منها!
مثلا الزوبعة الاعلامية حول كيكل ما هي الجدوى العسكرية من ورائها؟ الرجل سلم نفسه فقط ولم يسلم ولاية الجزيرة للجيش بل منذ تسليمه لنفسه تلاحقت الكوارث على الولاية حتى المناطق التي كانت آمنة نسبيا اشتعلت حربا ضروسا، والخسائر العسكرية ضخمة، والقتلى والجرحى المدنيين حدث ولا حرج !
أما الاثر السياسي لحكاية كيكل فهو الانحراف بالصراع إلى إتجاه عرقي خطير بين المكونات الاجتماعية إذ دخل ناظر الشكرية على الخط مستنفرا على أساس قبلي !
و يبدو ان هذا هو الدور الخبيث المرسوم لكيكل منذ زراعته في الدعم السريع وصولا لمسرحية استقباله كبطل !
كانما هناك قوة شريرة عقدت العزم على تمزيق هذه البلاد ووضع نهاية مأسوية ودموية لوحدتها ارضا وشعبا وكأنما الأطراف المتقاتلة جميعا وعلى رأسها الكيزان باذرعهم الاخطبوطية في كل مفصل مدني او عسكري هم أدوات لهذا التقسيم الجديد للسودان !
لو العقل السياسي الذي يحرك الجيش هو عقل الدولة الوطنية الحريص على وحدة البلاد كان سيحرص على الطابع السياسي للحرب وليس القبلي والجهوي!
كان سيتستر على عودة كيكل عديمة الجدوى العسكرية بدلا من الاحتفالات الهستيرية الاستفزازية لضحايا انتهاكات ولاية الجزيرة ! والتي كان متوقعا أنها ستجر على المنطقة رد فعل عنيف من قوات الدعم السريع !
استهداف البيشي أيضا كان هدفه السياسي القضاء على وجود قيادات من الوسط في الدعم السريع لان عقل التقسيم يريدها حربا عرقية وجهوية فقط! يظهر ذلك من حملات الارهاب والتخوين التي انتظمت الاسافير ضد كل من ترحم على البيشي أو قدم واجب العزاء لاقاربه! لان البيشي حسب عقل المفاصلة العرقية والجهوية ليس مجرد هدف عسكري، وبمنطق الحرب قتله وارد في اي لحظة ولكن الهدف السياسي هو الأكبر !
كذلك انتقام الدعم السريع من المكون الاجتماعي الذي ينحدر منه كيكل وتحديدا ترويع المدنيين الذين ليسوا جزء من الحرب يصب في خدمة ذات الاتجاه العرقي والجهوي !
استمرار هذه الحرب أكثر من ذلك سيقود إلى تقسيم هذه البلاد والمصيبة لن يكون تقسيما الى دويلات آمنة مطمئنة حتى نقول ان الصفقة هي التضحية بالوحدة الوطنية مقابل السلام! المؤشرات تقول انها ستكون دويلات متحاربة في داخلها وفيما بينها ومعرضة للابتلاع من دول الاخرى !
مثلما هناك توعية صحية مكثفة حول الكوليرا وغيرها من الأوبئة الفتاكة ، يجب ان تكون هناك توعية سياسية مكثفة للمواطنين حول اعتزال هذه الحرب بكل أطرافها ، لا تشاركوا في اي احتفال للجيش وكتائب الكيزان بانتصاراتهم سواء الوهمية او الحقيقية، فانتم في مأتم كبير ممتد لأيام لا يعلم عددها أحد، والزغاريد والغناء والرقص اثناء تشييع الجنائز عييب كبير !
لا نصيب للمواطن العادي في هذه الحرب سوى الموت والعظام المكسورة والجراح النازفة والاجساد الناحلة التي نهشها الجوع والمرض وفقدان فلذات اكباده في طاحونة حرب قذرة ومذلة التشرد من الديار !
اليوم الوحيد الذي يجب ان نحتفل به هو يوم توقف هذه الحرب !
فرحتنا الوحيدة هي فرحة السلام المصحوبة بغضب من الذين أشعلوا الحرب لانهم ببساطة جعلو ا من السلام وهو الحالة الطبيعية التي كانت مبذولة بالمجان سلعة نادرة نحلم بها !