مقدمة:
شهدت الولايات السودانية، بما في ذلك دارفور، الجزيرة وولاية سنار، سلسلة من الهجمات الجوية العنيفة على المدن، القرى، والأسواق، مما أدى إلى مقتل أكثر من 800 مدني، معظمهم من النساء والأطفال، خلال الأسبوعين الأولين من أكتوبر الجاري.
تأتي هذه الأرقام الصادمة وفقاً لبيانات صادرة عن قوات الدعم السريع، تم مقارنتها وتأكيدها مع تقارير مستقلة صادرة عن منظمات حقوقية محلية، من بينها المرصد المركزي لحقوق الإنسان، مجموعة محامو الطوارئ، وهيئة محامو دارفور.
ارتفاع هائل في عدد الضحايا:
وفقاً للبيانات المتاحة، فقد سقط أكثر من 500 قتيل مدني في أقل من أسبوع واحد، وتحديداً في الفترة من 1 إلى 5 أكتوبر. تركزت هذه الهجمات في شمال وغرب دارفور، إلا أنها امتدت بعد ذلك إلى مناطق أخرى من البلاد، مما يعكس تدهوراً كبيراً في الوضع الإنساني والأمني. ويشير المراقبون إلى أن هذه الهجمات تمثل تصعيداً خطيراً في استخدام القوة الجوية ضد المدنيين.
إدانات حقوقية:
في بيان أصدره الخميس الماضي، أكد المرصد المركزي لحقوق الإنسان أن الطيران الحربي الحكومي يواصل قصفه العشوائي على المناطق السكنية، مما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وأضاف المرصد أن استهداف المدنيين في النزاعات المسلحة يمثل جريمة حرب تستوجب المحاسبة الدولية.
من جانبه، أدان المحامي معز حضرة هذه الهجمات واعتبرها خرقاً واضحاً للمواثيق والقوانين الدولية. وقال حضرة إن “استهداف المدنيين الذين لا علاقة لهم بالحرب والقتال يعد انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الدولية”. وأشار إلى أن المواد 3 و32 و34 من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 تنص بوضوح على حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وتحظر بشكل قاطع الاعتداء على حياتهم وسلامتهم البدنية، بما في ذلك القتل والتعذيب.
انتهاكات جسيمة للقانون الدولي:
كما أكد حضرة أن القانون الدولي يلزم أطراف النزاع بمعاملة المدنيين والأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية معاملة إنسانية. وأضاف أن هذه المواد تحظر معاقبة أي شخص أو الاقتصاص منه بناءً على مخالفة لم يرتكبها شخصياً. وتعتبر هذه الهجمات الجوية، وفقاً للخبراء القانونيين، انتهاكاً خطيراً للحقوق الأساسية للمدنيين وتجاوزاً للحدود المقبولة في النزاعات المسلحة.
دعوات للتحقيق والمساءلة:
تأتي هذه الهجمات في ظل تزايد الدعوات من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتحقيق في هذه الانتهاكات الخطيرة، ومحاسبة المسؤولين عنها. ورغم المناشدات المتكررة لوقف العمليات العسكرية العشوائية التي تستهدف المدنيين، إلا أن الهجمات ما تزال مستمرة، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان.
خاتمة:
تشير الأوضاع المأساوية في دارفور وأقاليم السودان الأخرى إلى تصاعد مستمر في الانتهاكات ضد المدنيين، مع تزايد الحاجة إلى تدخل دولي لوقف هذه الاعتداءات وضمان حماية المدنيين وفقاً لما تنص عليه القوانين الدولية. وعلى الرغم من الإدانات الدولية، يبدو أن الأزمة في السودان تتجه نحو مزيد من التصعيد ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لمحاسبة المسؤولين ووقف الأعمال العدائية.
(رصد: مركز إدراك)