يعتقد المحللون أن مصر تسعى إلى تعزيز شرعية حكومة بورتسودان المرتبطة بالجيش السوداني، مستفيدة من رئاستها لمجلس السلم والأمن الأفريقي خلال هذا الشهر. في الوقت نفسه، يتهم قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، القاهرة بالتدخل المباشر في النزاع السوداني ضد قواته، مما يعكس انحيازها الواضح لأحد الأطراف، رغم نفيها المتكرر لهذه الاتهامات.
في السياق ذاته، أظهر البيان الأخير الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي مؤشرات على انحياز مصر، مما يثير تساؤلات حول دورها في الصراع الدائر. هذا الانحياز المحتمل قد يؤثر على جهود السلام في السودان، ويزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة.
تتزايد المخاوف من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم النزاع، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز موقفه. في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال حول كيفية تأثير هذه الديناميكيات على مستقبل السودان واستقرار المنطقة ككل.
في سياق متصل انتقد بكري الجاك، المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية “تقدم”، بيان مجلس السلم، مشيرًا إلى أنه لم يكن محايدًا بل منح القوات المسلحة ميزة في أي ترتيبات سياسية قادمة. جاء ذلك خلال حديثه لقناة (سكاي نيوز عربية)، حيث أعرب عن قلقه من تأثير هذا البيان على مستقبل العملية السياسية في البلاد.
وأكد الجاك أن البيان يمثل خطوة نحو تطبيع سلطة بورتسودان، مما يمنحها صلاحيات واسعة في اتخاذ القرارات بشكل منفرد. وأشار إلى أن هذا الأمر يتعارض مع ما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، مما يثير تساؤلات حول مصداقية هذه القرارات.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث تتزايد المخاوف من تأثير هذه الترتيبات على مستقبل العملية السياسية في البلاد، مما يستدعي ضرورة مراجعة المواقف والبيانات الصادرة عن الجهات المعنية.
تولت مصر رئاسة المجلس خلال شهر أكتوبر من عام 2024، حيث قام وفد مصري بزيارة مدينة بورتسودان، وهي الزيارة الأولى منذ بداية النزاع في 15 أبريل 2023. تأتي هذه الخطوة في إطار حرص مصر على تعزيز التضامن مع الشعب السوداني وتقديم الدعم لمؤسسات الدولة السودانية في ظل الظروف الراهنة.
كان قد اتهم قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ “حميدتي”، خلال خطاب له الأسبوع الماضي، مصر بشكل مباشر بالتدخل في الحرب الدائرة إلى جانب الجيش السوداني ضد قواته. كما أشار إلى أن مصر تقوم بشكل يومي بتزويد الجيش السوداني بقنابل الطائرات، متحدداً نوعها بالاسم، مما يمثل اتهاماً صريحاً للمرة الأولى بهذا الشكل.
في المقابل، نفت وزارة الخارجية المصرية تلك الاتهامات في بيان رسمي، حيث أكدت أنها ليست طرفاً في النزاع المسلحة، وتعمل على إنهاء حالة الصراع في السودان بالتعاون مع جهات أخرى، مشددة على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المتضررين من النزاع.
ودعا مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى إعادة فتح مكتب الاتصال التابع للاتحاد الأفريقي في بورتسودان، مما يُعتبر خطوة أولى نحو استعادة عضوية السودان في الاتحاد. كما طالب المجلس قوات الدعم السريع برفع الحصار المفروض على مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور بشكل عاجل، مشدداً على أهمية ضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون أي عوائق.
يُذكر أن الاتحاد الأفريقي قد جمد عضوية السودان بعد الانقلاب الذي قاده قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ضد الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021. ويواصل البرهان رفض الاعتراف بالانقلاب، حيث يصفه بأنه إجراءات تصحيحية تفرضها الظروف الراهنة.
في بيان صدر يوم الاثنين، أدان المجلس بشدة الاشتباكات العنيفة والأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي تعاني منها دارفور، معبراً عن ترحيبه باستعداد رئيس مجلس السيادة الانتقالي لتشكيل حكومة انتقالية يقودها مدنيون.