فاطمة لقاوة
الصراع المُحتدم داخل أروقة الحكومة المصرية بين المخابرات المصرية،والمخابرات الحربية المصرية،حيث ترى الأخيرة ضرورة مساندة ودعم الجيش السوداني الذي تقوده عصابة الكيزان لخوض حروب من أجل إرجاع كيزان السودان للسلطة،بينما ترى المخابرات المصرية ضرورة إلتزام مصر الحياد،و مراعاة مصالحها في المنطقة وعدم التهور في دعم عصابة الكيزان بقيادة البرهان في حربهم الخاسرة في السودان.
المخابرات الحربية المصرية أدخلت مصرا دولة وشعب في مأزق حقيقي يصعب عليهم الخروج من عُنق زُجاجة الصراع الدائر في السودان،وأن أمن مصر أصبح مُهدد في كافة الأصعدة وقد تخسر مصر كثير بسبب الخطأ الإستراتيجي الذي إرتكبته بمشاركتها في حرب السودان .
العالم مندهش اليوم من تصرفات حكومة مصر الرعناء التي سمحت بالتدخل في شأن السودان،وطيران مصر يضرب الشعب السوداني ويقتلهم دون رحمة في الخرطوم والجزيرة وسنار و حمرة الشيخ والكومة والحصاحيصا، ولم تسلم حاضنة بادية الرزيقات”مدينة الضعين” التي إحتضنت الرئيس المصري”جمال عبدالناصر” وطبطبت عليه ليتجاوز وجع إنكسار الهزيمة التي تلقاها في حرب إكتوبر،والسيسي اليوم يَبيد شعب السودان خدمة لكيزان السودان الذين هم إمتداد لأخوان مصر.
الحكومة المصرية أخطأت إستراتيجيا حين وافقت مشاركة الكيزان في حربهم على السودانيين ،وقد نفذ الطيران المصري غارات جوية قتل فيها الشعب السوداني ودمر البنية التحتية وعطل الحياة للغلابة.
أعلن الفريق أول محمد حمدان دقلو /قائد قوات الدعم السريع ،الإنتقال للخطوة 《ب》في حربهم التي يخوضونها دفاعا عن انفسهم وعن السودان أرضا وشعب.
الإنتقال للخطة “ب”بدأ بإصدار قرار من الإدارات المدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع ،تمنع تصدير الموارد لمصر عبر البر،وهذا يُعد أول صفعة في جبين حكومة مصر التي لم تحسن الإختيار،والتي قد تفقد الكثير من الميزات الإقتصادية التي تتحصل عليها من السودان.
مِصر تُعتبر اللص الأول في سرقة خيرات السودان ومدمرة للإقتصاد السوداني و المعطل الحقيقي لعجلة التقدم والنهضة في السودان،حيث عملت مصر على إعاقة السودانيين من الوصول إلى حكومة ديمقراطية وتأسيس واقع سوداني جديد يعتمد على الكفاءات بعيدا عن المحاصصات،فكانت مِصر تعد الساسة السودانيين وتدجنهم من أجل خدمة مصالحها وتصنع القادة العسكريين المواليين لها وتسهل لهم سُبل السيطرة على الحُكم وتتخلص منهم حال إعلانهم الإستقلالية من قبضتها كما فعلت مع عبود ونميري،وما قامت به من مؤامرة فض إعتصام القيادة بخطة إستلمها البرهان ساعة وصوله لمصر وبعد عودته نفذ المطلوب،واليوم تدخل مصر بسلاح الجو المُميت وهي لا تعلم بأن الظروف قد تغيرت كثيرا وأن التعامل مع السودان كإرث إستعماري لمصر التي إقترن إسمها بالحقبة الإستعمارية التركية والإنجليزية في إذهان السودانيين،أصبح اليوم صعب التحكم في الوضع لأن الإنسان السودان قد تململ من إسلوب القمع المصري بأيادي العسكريين والنخب السياسية التي إرتضت الطاعة العمياء لمصر.
مِصر التي بدأت اليوم تفقد إمتيازاتها في السودان قد تفقد وضعها الرائد في الوطن العربي والمحيط الأفريقي إن لم تراجع مواقفها وتصحح مسار خطأها الإستراتيجي في السودان وتعود إلى رُشدها.
ولنا عودة بإذن الله.