يعتقد مختصون في الشأن السياسي أن إعلان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عن حالة الاستنفار العام وانتقاله إلى “الخطة ب”، يعكس تصعيدًا في المواجهات مع الجيش السوداني. هذا التطور يشير إلى أن المستقبل قد يحمل “احتمالات متعددة” لخطر الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023، خاصة في ظل سيطرة القيادات المرتبطة بالتنظيم الإسلامي على القرارات العسكرية.
ويعتقد محللون أن الصراع قد يتسع ليشمل مناطق جديدة، وقد يتحول إلى نزاع إقليمي. يأتي ذلك في ظل الاتهامات الموجهة لدقلو لمصر بالتدخل المباشر في الأحداث لصالح الجيش السوداني، مما يزيد من مخاطر تعقيد الوضع العسكري في البلاد.
كما اتهم دقلو كل من مصر وإيران بتقديم الدعم لقوات البرهان والحركة الإسلامية، مشيرًا إلى أنه كان يتعامل مع تدخلات مصر في النزاع بصورة هادئة، لكن هذه التدخلات زادت وباتت أكثر وضوحًا، مما قد يفاقم الأوضاع المتوترة في السودان.
أشار حميدتي إلى أن “القاهرة تزوّد الجيش بقنابل أمريكية وزنها 250 كيلوغرام، حيث تم إبلاغ مساعدة وزير الخارجية الأمريكي مولي في بذلك سابقاً”، بالإضافة إلى “ثمانية طائرات حربية من طراز (K8)”.
أفاد حميدتي بأنه “سيسعى لتأهيل مليون جندي للقتال بجانب قوات الدعم السريع، وأنه سيقوم بالانتقال إلى الخطة ب في المعركة ضد ميليشيات البرهان وأتباعه”.
تصعيد شامل
وصف الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبو عبيدة برغوث، حديث حميدتي بأنه “خطاب موجه للحرب”، مشيرًا إلى أنه لأول مرة لم يتضمن أي إشارة للتفاوض أو السلام، مما يدل على تصعيد شامل وغير مسبوق، خاصة مع اقتراب فصل الصيف المقبل.
قال برغوث لـ”إرم نيوز” إن “دلالات الحرب القادمة تشير إلى أنها ستكون مختلفة عن الحروب السابقة، حيث تحدث حميدتي عن “الخطة ب” التي يصعب توقع تفاصيلها، ولكن يمكننا أن نفترض أن الحرب ستنتشر إلى مناطق أخرى، وستستخدم فيها أساليب وأدوات جديدة”.
وأضاف أن “هذا ما كنا نحذر منه، وطالبنا بضرورة ذهاب السودانيين إلى طاولة التفاوض ووقف القتال، لكن التشبث والظهور العلني لمؤيدي نظام البشير سيؤديان إلى تمدد الصراع بشكل غير مسبوق”.
وأشار إلى أن هذه “ستتحول إلى حرب شاملة، وربما تتطور إلى نزاع إقليمي مع دخول أطراف من المنطقة، خاصة بعد الاتهام المباشر من حميدتي لمصر بالتدخل لصالح الجيش السوداني، حيث قصفت القوات الجوية قوات الدعم السريع في منطقة جبل موية وسط السودان”.
موجة عنيفة
من ناحيته، ذكر المحلل السياسي صلاح حسن جمعة أن السودان أمام “موجة شديدة” من التصعيد العسكري، وذلك بعد خطاب القائد حميدتي الذي احتوى على “رسائل متنوعة”، وأبرزها ما يتعلق بالجنود الذين طلب منهم تنظيم صفوفهم وعدم التصوير أثناء المعارك، مما يدل على أنه متجه نحو معركة “كسر العظم”، وفقاً لما ذكره.
قال جمعة لـ”إرم نيوز” إن “حميدتي بدأ عازمًا على استعادة منطقة جبل موية التي فقدها بسبب تدخل الطيران المصري”.
وأفاد أن “السودان يبدو أنه يواجه موجة شديدة من التصعيد العسكري، خصوصًا بعد ظهور زعماء التنظيم الإسلامي مع قادة الجيش علنًا، وتصريحاتهم حول الحرب، مما يدل على هيمنتهم على قرار الجيش”.
توقع المحلل السياسي أن تستمر قوات الدعم السريع في السيطرة على المواقع التي تحتفظ بها حاليًا، بعد القضاء على جيوب قوات الجيش المحيطة بها، ويستبعد أن تتوسع دائرة الصراع إلى مناطق جديدة.
أوضح جمعة أنه توجد عمليات استنفار في عدة مناطق من دارفور وكردفان، حيث لوحظ وجود “أعداد كبيرة من المقاتلين المسلحين الذين يستقلون سيارات دفع رباعي في مناطق أمدخن، بالإضافة إلى قوة أخرى كبيرة وصلت إلى الخرطوم في الأيام الأخيرة”.
أفادت تقارير محلية أن زعماء قبليين في ولاية جنوب دارفور أطلقوا حملة استنفار كبيرة بين منسوبيهم للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع، وذلك بعد إعلان هذه القوات مقاطعة المفاوضات والاتجاه للحل العسكري.
اتجاه خطير
أكد المحلل الأمني عادل بشير أن “الحرب في السودان تتجه نحو وضع خطير، حيث أن قائد قوات الدعم السريع يتحدث بهذه اللهجة التصعيدية للمرة الأولى، بعد أن كان يتحدث عن السلام والاستعداد للتفاوض منذ بداية الحرب”.
الاستنفار العام
قال لـ”إرم نيوز” إن “حميدتي يعلن لأول مرة حالة الاستنفار العام بين جنوده، ويطلب من المجازين العودة إلى وحداتهم، مما يدل على خطورة الوضع الذي تتجه نحوه البلاد”.
وأضاف: “قد يكون من بين الأسباب التي دفعت حميدتي إلى اتخاذ هذا الموقف التصعيدي هو ظهور فلول النظام السابق بشكل علني في المناطق التي يسيطر عليها الجيش، وخصوصًا في سنار وبورتسودان، مما يدل على أنهم تلقوا الضوء الأخضر من جهات خارجية للاستعداد للعودة بشكل علني”.
ظهر رئيس الحركة الإسلامية في ولاية سنار، أحمد عباس، مع نائب قائد الجيش الفريق شمس الدين كباشي، في منطقة جبل موية، وهما يرفعان أيديهما المتشابكة أمام الجنود والميليشيات التي تقاتل إلى جانبهم.
ظهر رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم محمود حامد في مدينة بورتسودان خلال اليومين الماضيين، مما اعتبره المحللون دليلاً على العودة الواضحة لأنصار النظام السابق.