عبد الرحمن الكلس
مع بداية هذه الحرب اللعينة، طالب والي نهر النيل (الكوز) مواطني ولايته التصدي والتعامل بحسم مع الغرباء على الولاية. وطبعًا هؤلاء الغرباء يعني بهم لغاية الحزن والأسى والأسف السودانيين من أقاليم أخرى، خصوصاً من غرب السودان !
لاحقًا، أصبح حديث هذا الوالي العنصري المعتوه قاعدة فقهية وقانونية، بموجبها أُزهقت أرواح بريئة وسُجن أبرياء وطُرد آخرون وفقد البعض أعمالهم. وتعرّض أبناء غرب السودان، سواء كانوا (عربًا أو غير عرب)، لاضطهاد بالغ وعنصرية غير مسبوقة.
أصبح الكيزان في شمال السودان، بولايتي نهر النيل والشمالية، يطبقون هذا القانون بأنفسهم. يطاردون أبناء غرب السودان مطاردة الساحرات، يتتبعونهم، يتقصون أثرهم، يلقون القبض عليهم، يضربونهم، ويشتمونهم بألفاظ عنصرية حقيرة.
هذه الجرائم العنصرية الكريهة يقف خلفها (كيزان) ولايتي نهر النيل والشمال، محرضين معهم بعض الدهماء والعوام، ضد إخوانهم في الوطن من غرب البلاد. وذلك بموجب قانون (الوجوه الغريبة) الكيزاني العنصري البغيض، الذي يجعل جميع أبناء غرب السودان مدانين بالانتماء لقوات الدعم السريع، وبالتالي يُباح اعتقالهم، شتمهم، ضربهم، سجنهم، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم، ثم طردهم من هذه الجغرافيا التي لا ينتمون إليها، حسب روح هذا الفقه القانوني العنصري الحقير.
شاهدت مقاطع فيديو كثيرة، آخرها أمس الأول، يتعرض فيها أبناء غرب السودان الذين يعملون في تعدين الذهب أو أي أعمال أخرى في شمال السودان، وحتى الهاربين من مناطق الحرب، للاعتقال والتفتيش والتحقيق التعسفي من قبل مدنيين مثلهم يقف خلفهم كيزان، بعضهم محمَّلون بحمولة تحريضية عنصرية ثقيلة.
وخلال هذه العمليات تجري تحقيقات عشوائية مليئة بالإهانات اللفظية العنصرية، مصحوبة بالضرب بالهراوات والعصي وصفعات بالأيدي، وبذاءات لا حدود لها، وتهديدات بالقتل. وبالفعل، أُزهقت أرواح كثيرة بموجب هذا القانون الحقير.
إن ما يتعرض له مواطنو غرب السودان في ولايتي نهر النيل والشمالية برعاية وإشراف سلطة الأمر الواقع، تحت هذا القانون العنصري البغيض، لم يتعرض له السود في جنوب أفريقيا إبان نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد).
خلاصة القول، إن الكيزان يقودون هذه الحرب بوتيرة متسارعة نحو حرب عنصرية وقبلية شاملة، وربما ستكون المرحلة المقبلة منها ذات طابع عرقي محض. وحينها، سيكون ما حدث في رواندا من إبادة عرقية مجرد “مبارزات صغيرة” بعبارة الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس وزراء حكومة الثورة.
إن كانت ثمة نصيحة يمكن إسداؤها لأهلنا في ولايتي نهر النيل والشمالية، فهي أن لا ينجروا لمخططات الكيزان، وأن يتصدوا لتحريضهم، وأن يغلقوا أيديهم ويمسكوا ألسنتهم عن هذه الأفعال والأقوال العنصرية بحق إخوانهم في الوطن. كما يجب عليهم أن يتركوا أمر تنفيذ هذا القانون العنصري للأجهزة الكيزانية التي سنته وشرعته، حتى تتحمل أوزاره وتبعاته، وأن لا يذهبوا خلف الدعاية الحربية العنصرية التي تديرها غرف الكيزان الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي. فما يحدث لن يمر مرور الكرام، إنها جرائم شديدة الفظاظة، ولا أحد في هذا العالم سيتسامح مع الجرائم ذات الطابع العنصري. وبالتالي، فإن مرتكبيها، خاصة الذين ظهروا في مقاطع الفيديو، لن ينجوا من العقوبة لاحقًا، حيث سيطاردون محليًا ودوليًا بموجب القوانين الدولية والوطنية المعمول بها في هذا الصدد.
كفوا أيديكم أنتم كمواطنين وتبرأوا منهم ومن جرائم الانفصاليين العنصريين، وأما الكيزان فإن الوقت كفيل بمحاسبتهم على جرائمهم المروعة، وأولها إشعال هذه الحرب، وليس ذلك ببعيد.