علي أحمد
ترك البلابسة والكيزان قرع طبول الحرب وشتيمة “تقدّم”، وتوزيع العلف، عن حقائق المعارك التي تدور حالياً، والاحتفاء بتصفية المواطنين العُزل من قبل المليشيات الكيزانية الإرهابية. تركوا كل هذا وانصرفوا ليوم كامل إلى نزاعٍ جديد حول تغيير أسماء شوارع مدن العاصمة، هذا قبل أن يفرضوا سيطرتهم عليها!
وأمس الأول، لم يغمض جفن هاتين الفئتين من السودانيين الكريهين والكارهين، فأشعلوا الأسافير واشتعلوا، فيما يتعلق باقتراح “البلابسة” بتغيير اسم شارع عبيد ختم إلى شارع ندى القلعة – بعد الحرب طبعاً (كن يقدرو)- حيث هب الكيزان وأعلنوا الجهاد الإسفيري على البلابسة، فكيف يُنزع عن الشارع اسم أحد (شهداء) الحركة الإسلامية في الحرب الأهلية بجنوب السودان (عبيد ختم)، ليسمى باسم (عاهرة) بحسب وصف بعضهم. فعبيد ختم بالنسبة للكيزان من رعيلهم الأول في قائمة صرف هذا النوع من (الشهادات)، قبل أن ينقلب عليهم عرابهم الترابي، مؤسس وراعي (صندوق الشهادة)، ويصف قتلى حرب جنوب السودان من جماعتهم بـ(الفطائس).
على أي حال، لم ينته النزاع بين هاتين الفئتين المنبوذتين حتى لحظة كتابة هذا المقال، وهو نزاع وإن بدا تافهاً وحقيراً، فهو يكشف عن حقيقة هذه الحرب، وعن طبيعة الكيزان وأهدافهم في تحقيق المكاسب السياسية من حربهم هذه، حتى لو كانت على أمور سخيفة وتافهة مثل إعادة تسمية الشوارع. وهذا هو هدف الكيزان، الذي دمروا -ولا يزالون- البلاد بأكملها من أجله.
وقد بادر قائدهم “المصباح أبو زيد طلحة” بإعلان تغيير اسم شارع المعونة، أكبر وأعرق شوارع مدينة الخرطوم بحري، إلى شارع “البراء بن مالك”، الاسم الذي أطلقوه على مليشيتهم الإجرامية، والصحابي الجليل “البراء” بريء منها ومنهم.
الغريب في هذا الأمر أن هذه المليشيا الكيزانية الإجرامية لم تطأ أقدامها القذرة حتى الآن هذا الشارع الشهير، وقد رأيت بالأمس مقطع فيديو لأفراد من قوات الدعم السريع يجوبون شارع المعونة بارتياح وطمأنينة كاملتين، ويصورون ويسجلون ويوثقون. لكنها أخلاق الكيزان المبنية على الانتهازية وسرقة اللحظة، فما إن أشاعوا ووزعوا “علفهم” بين الناس بأنهم قد سيطروا على الخرطوم بحري، فيما لا تزال المعارك تدور حتى الآن في محيط (الحلفايا)، حتى سارعوا إلى (الإنترنت) وأعلنوا إسفيرياً إطلاق اسم البراء بن مالك على شارع المعونة، ليوهموا الجماهير أنهم يسيطرون عليه.
وبالأمس، نشر قائد الكتيبة “الجحجاح” – الذي يخشاه الرصاص ولا يصيبه إلا في أصابعه – نشر على “فيسبوك” خريطة من (قوقل) لشارع المعونة مكتوب عليها (شارع البراء بن مالك – المعونة سابقاً)، حيث عمدت كتائبهم الإلكترونية إلى التلاعب بأسماء الشوارع في خرائط (قوقل)، قبل أن يسرف في أحلامه ويعلق: “إن شاء الله سنطلق على شارع المطار أو أفريقيا، اسم الشهيد مكاوي”!
أما البلابسة، داعمو الحرب من غير الكيزان، وهم من رجرجة البلاد ودهمائها، الذين يعشقون أحذية العسكر ويموتون في التفاهة والتافهات، ويشركونهن في معاركهم الإسفيرية ويستخدمونهن في دعايتهم الحربية، فقد اقترحوا تغيير اسم شارع عبيد ختم، كما أسلفنا، إلى شارع مطربة قاع المدينة والراقصة المعروفة في الأوساط الشعبية “ندى القلعة”. وهم لا يعلمون أن “عبيد ختم” نفسه، مثله مثل قائد مليشيا البراء بن مالك، من كيزان الحركة الطلابية الذين رمت بهم حركتهم مطلع تسعينيات القرن الماضي إلى محرقة جنوب السودان، فقُتل هناك وأُطلق اسمه على هذا الشارع.
اقتراح البلابسة أصاب الكيزان في مقتل، فشنوا حملات لمكافحته ووأده مبكراً، حتى أن بعضهم وصف البلابسة بأقذع الأوصاف وأسوأ الصفات، وكذلك وصفوا ندى القلعة ومسحوا بها الأرض. ولا نريد أن نوسخ (مقالنا) بنزاعاتهم الغبية، ولكننا هنا لنشير فقط إلى أهداف من أشعلوا هذه الحرب، وكيف أنهم يستعجلون (تمكينهم) حتى قبل أن ينتصروا في حربهم!
ونحن في انتظار انخراط حركات الارتزاق المسلحة في هذا النزاع حول تسمية الشوارع. أليس لهذه الحركات (شهداء) في معركة (كرامة الكيزان)، أم أن شهداء (الفلنقايات) وحدهم (فطايس) في تفسير المصباح بن البراء؟!
شخصياً، أقترح تغيير اسم شارع المعونة أو شارع عبيد ختم، إلى شارع الشهيد مني أركو مناوي، حتى تكتمل المهزلة؛ فلا هو سيموت في حرب لم يخضها، ولا توجد شهادة أصلاً له أو لهم في هذه الحرب!