مناظير
زهير السراج
لاحظت من مشاهدتي لغالبية فيديوهات مجزرة الحفايا أو (مجازر الحلفايا) التي ارتكبها أفراد من الجيش والمليشيات المتحالفة معه، إن معظم الضحايا ينتمون لمنطقة الحلفايا والمناطق المجاورة لها، ومعظم القتلة والجناة ينتمون لمناطق ظلت مهمشة تاريخياً، مما يدعوني للحديث عن دافع ثان للمجزرة بالإضافة ل (تهمة التعاون أو الأنتماء لمليشيا الدعم السريع) التي برر بها الجناة قتل الشباب والأطفال الأبرياء!.
- الدافع الثاني هو الحقد الشديد للجناة بسبب الظلم الذي عانوا منه، ولعل الكثيرين قد لاحظوا الضحكات الغريبة ونظرات التشفي والانتقام في وجوههم وهم يقتلون الشباب الأبرياء، وكأنهم مدفوعون بثأرات شخصية يريدون تصفيتها!
- من يظن إن الوضع بعد الحرب سيكون هو الوضع نفسه قبل الحرب فهو واهم، ومن يظن أن الحركات المسلحة التي تحارب مع كتائب الكيزان ضد مليشيا الجنجويد ستقبل بوضعها القديم كحارس للبوابة بعد إنتهاء الحرب فهو غشيم، ومن يظن أن كباشي ومناوي وجبريل وعقار وطمبور سيرضون بالجلوس على الكراسي الخلفية فهو شخص على نياته لا يدري شيئا عن الأهداف الحقيقية التي من أجلها خاضوا الحرب، ومن يظن إن الجناة مارسوا القتل والتشفي والحقد الفظيع ضد شباب الحلفايا من أجل الدين وإرضاء الكيزان، فهو لا يدري بأن هؤلاء ينتقمون من القرون الطويلة التي تعرضوا فيها للتهميش والمذلة والمهانة، ولقد حان الوقت للتحرر والخلاص والجلوس على رقاب الذين جلسوا على رؤسهم وأذاقوهم الهوان!
- وأهم من يظن أن إن شعار سقوط دولة 56 يرفعه الجنجويد فقط، ولكنه شعار يرفعه كل مواطني الغرب والشرق والجنوب (ومن ضمنهم الغالبية الساحقة من جنود الجيش) الذين يحاربون الآن مع كتائب الكيزان، ولن يتخلى هؤلاء بعد إنتهاء الحرب عن تحقيق شعارهم والحصول على كل شيء والصعود إلى المناصب العليا وإزاحة (مواطني دولة النهر) إلى الصفوف الخلفية طوعا أو كراهية، وإذاقتهم نفس الهوان الذي أذاقوه لهم، وإلا استمرت الحرب بكل بشاعتها وعنصريتها، وتحوَّل السودان إلى دويلات عنصرية صغيرة متحاربة.
- من يظن إن الحرب ستنتهي بانتصار الجيش على مليشيا الدعم السريع، فيهلل ويُكبِّر ويرقص فرحا في الشوارع لأنه سيعود إلى موطنه وداره وعمله ووضعه القديم فهو مسكين وساذج، فهو لا يدري أن أيام العز والمجد (ونحنا الساس ونحنا الراس) قد انتهت، وأن حرباً أخرى عنوانها الانتقام من هوان الماضي سيشنها عساكر الجيش والحركات المسلحة ورافعو شعار سقوط دولة 56 ضد الوسط والشمال ودولة 56 (بما فيهم الكيزان)، أو الإستسلام والإذعان لرغباتهم وأوامرهم والقبول بالعيش تحت أقدامهم كمواطنين من الدرجة العاشرة، ولن يكون هنالك وسط أو شمال أو كيزان، ما لم تتوقف هذه الحرب الآن ويتفق الجميع على صيغة حكم عادلة ومقبولة للجميع!.
- قد لا يصدقني معظم الناس إذا قلت إن آخر رئيس للسودان من دولة النهر هو المخلوع البشير، وآخر قائد عام للجيش هو البرهان … حتى لو انتصر الجيش!