بقلم د .سليمان صندل حقار
ركّز الشعب السوداني المتطلع، والمشرئب للسلام، وإيقاف هذه الحرب الكارثية، على المعارك التي عادت، وبقوة في العاصمة المثلثة. إلا أن العقلية المركزية القديمة المتجددة، ممثلة في الفلول، ومجموعة بورتسودان المجرمة، قد خططت لتعيد الحرب إلى دارفور مرة أخرى، لتعود دارفور إلى عام 2003، عبر حركات الارتزاق، والمليشيات الجديدة، وبعض الإنتهازيين، وعدد من الشباب المغرر بهم، وعدد غير قليل من الذين وقعوا ضحايا لإعلام الفلول الكاذب الكثيف، الذي جعل الأحمر أزرق، ونجح في إحداث حجب كامل في رؤية الأشياء.
ولكن قيادة تلك الحركات لديهم رؤية واضحة، قد اتخذوها فرصة لتجييش الشباب، وحشدهم، بادعاءات باطلة، وشعارات رنانة، لكنها كاذبة ومنبتة عن أرض الواقع. وكان هدفهم أن يغترفوا من أموال الشعب ما شاءوا، وأن يمكثوا في مواقعهم ما شاءوا. أما دماء الشباب ومستقبلهم، فلِتذهب هباءً منثورًا تذروه الرياح. بل إنه أمر لا يعنيهم، لا من قريب ولا من بعيد.
إن قادة تلك الحركات الإرتزاقية قد سقطوا في امتحان المبادئ، وقيم الثورة التي عملوا لها زهاء ربع قرن من الزمان. لقد سقطوا في لحظة تبيان الحق، والحقيقة. إن ثورة الهامش التي تنكروا لها، وباعوها في سوق النخاسة، باقية وستظل قوية. سوف تنقشع هذه السحابة العابرة، التي غشت بعض الشباب الثائر، وسوف يدركون الحقيقة عاجلاً، وبكل قوة، ويعودون إلى حضن الثورة الرؤوم، ولكن بعد أن خسرنا أرواحاً عزيزة وغالية.
دارت اليوم معارك الحزن في أقصى شمال دارفور، في صياح ومدو ومالحة، والكل خاسر، والرابح مجموعة بورتسودان والفلول، ونظام المؤتمر الوطني البائس والمقبور. ولكن هذه هي أقدار التاريخ. الذين عاشوا تحت وطأة الاضطهاد، والظلم لسنين عدد، إنه ليس بالأمر الهين أن يعوا الدرس، إلا بهذه الخسائر الكبيرة في الأرواح التي فقدت في غير معترك. إن إقليم دارفور الذي شهد إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، في موعد مع التاريخ. ولتبدأ مسيرة ترسيخ وحدة السودان أرضاً وشعباً، وإعلان رايات التغيير من هنا. قريباً سوف يعم السلام، والأمان كل إقليم دارفور، بل كل السودان، رغم أنف المؤتمر الوطني، والفلول، وكل المليشيات، والكتائب، والحركات المتحالفة معه.