2 إكتوبر 2024
تشهد السودان منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والحقوقية في تاريخ البلاد الحديث. تسببت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية بشكل غير مسبوق. ومنذ بداية هذه الحرب، تصاعدت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث ارتكبت القوات المسلحة السودانية وميليشياتها المتحالفة، مثل “كتائب البراء” والمستنفرين، فظائع بحق المدنيين العُزّل، بما في ذلك الإعدامات خارج إطار القانون، التعذيب، والاعتقالات التعسفية.
الإعدامات خارج إطار القانون في مدينة الحلفايا:
من أبرز الجرائم التي تم توثيقها حديثًا، هي الإعدامات الميدانية التي وقعت في مدينة الحلفايا، الخرطوم بحري. بعد انسحاب قوات الدعم السريع من المدينة نتيجة للمعارك الأخيرة، استعاد الجيش السوداني وحلفاؤه من كتائب البراء السيطرة على المنطقة. فور دخولهم، شنوا حملة انتقامية ضد المدنيين، حيث تم إعدام العشرات منهم تحت ذريعة تعاونهم مع قوات الدعم السريع أو عدم الاستجابة للانضمام إلى صفوف المستنفرين.
من بين الضحايا كان هناك نشطاء حقوقيون ومتطوعون قاموا بتأسيس مبادرات إنسانية لإعانة الأهالي، مثل مبادرة “التكايا” التي تهدف إلى توزيع الطعام والعلاج. هذه الأفعال الوحشية، والتي شملت عمليات قتل جماعي وترويع للأهالي، تعد انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
الجرائم المستمرة في مناطق سيطرة الجيش السوداني:
منذ بداية الحرب، ارتكب الجيش السوداني وحلفاؤه جرائم وحشية بحق المدنيين في مختلف المناطق التي تخضع لسيطرتهم. لقد شاهدنا حالات قطع رؤوس والتمثيل بالجثث، في حين تم اعتقال المئات بشكل تعسفي، حيث ما زال العديد منهم قيد الاحتجاز في مواقع سرية، في ظل انعدام الشفافية حول مصيرهم. كما تم توثيق حالات اختفاء قسري، خاصةً لأولئك الذين كانوا في طريقهم للهروب من مناطق النزاع باتجاه مصر.
إلى جانب هذه الجرائم، يُمارس التمييز الجهوي والاستهداف السياسي بشكل واسع النطاق، حيث يتم استهداف فئات محددة من المجتمع بناءً على انتماءاتهم السياسية أو المناطقية. إن هذه الجرائم لم تقتصر على وقت محدد بل هي مستمرة حتى الآن في المناطق التي يسيطر عليها الجيش، في ظل تعتيم إعلامي وصعوبة بالغة في الحصول على معلومات دقيقة من داخل تلك المناطق.
الوضع الإنساني المتدهور:
من أكثر الفئات تضررًا في هذا الصراع هم المدنيون الذين عجزوا عن الفرار من مناطق القتال، إما بسبب نقص الموارد المالية اللازمة للسفر أو بسبب القيود الأمنية المفروضة. يعيش هؤلاء في ظروف معيشية مأسوية حيث يفتقرون إلى أدنى ضروريات الحياة، بما في ذلك المياه النظيفة، الطعام، والخدمات الصحية. إن تدهور الأوضاع الإنسانية بات يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الآلاف من المواطنين، خصوصًا مع تفشي الأمراض والأوبئة في المناطق التي لا تصلها المساعدات الإنسانية.
إن الحصار الذي يفرضه الجيش السوداني على هذه المناطق يزيد من معاناة السكان، حيث يتم استهداف القوافل الإنسانية ومنع وصولها إلى المتضررين. إن هذه الأفعال، التي تهدف إلى معاقبة المدنيين وإخضاعهم، تشكل جرائم حرب ويجب أن تُحمل القوات العسكرية وحلفاؤها المسؤولية الكاملة عنها.
تورط كتائب البراء ودورها في الصراع:
كتائب البراء، وهي مجموعة عسكرية متحالفة مع الجيش السوداني، أصبحت صاحبة القرار الأول في العديد من العمليات العسكرية والانتهاكات التي تحدث على الأرض. هذه الكتائب، التي تُعتبر من أكثر الميليشيات وحشية، تورطت في تنفيذ الإعدامات الميدانية، التعذيب، واستهداف المدنيين بطرق شنيعة. إن دور كتائب البراء في الصراع الحالي يُظهر الوجه الحقيقي للنظام الذي يقف خلف هذه الحرب، والذي يسعى للعودة إلى السلطة عبر إغراق البلاد في الفوضى واستغلال العنف لتحقيق مكاسبه السياسية.
إن هذه الكتائب تعمل تحت مظلة الجيش السوداني، لكنها تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية في اتخاذ القرارات وتنفيذ العمليات على الأرض، مما يجعلها خارج نطاق المحاسبة والمساءلة القانونية. هذا الوضع يعكس الطبيعة الميليشياوية للصراع في السودان، حيث يتم استخدام جماعات مسلحة غير نظامية لتنفيذ أجندات سياسية وعسكرية غير مشروعة.
التوصيات:
1. تحقيق دولي شامل: يجب أن يتم فتح تحقيق دولي مستقل حول الجرائم المرتكبة في السودان، بما في ذلك الإعدامات خارج إطار القانون والاعتقالات التعسفية. إن المجتمع الدولي مطالب بإرسال فرق تحقيق لتوثيق هذه الجرائم وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة. 2. ملاحقة المسؤولين عن الجرائم: ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الهيئات القضائية الدولية والإقليمية أن تتخذ إجراءات قانونية عاجلة لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب في السودان، بمن فيهم قادة الجيش السوداني وكتائب البراء وحلفاؤهم. 3. فرض عقوبات دولية: يجب فرض عقوبات دولية على كل من يتورط في ارتكاب الجرائم ضد المدنيين في السودان، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول المالية لكل من قادة الجيش والميليشيات المتورطة. 4. تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة: يجب على المجتمع الدولي توفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، وخصوصًا تلك التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني. إن إنقاذ حياة المدنيين يجب أن يكون الأولوية الأولى. 5. مراقبة تحركات كتائب البراء: ينبغي للمجتمع الدولي أن يراقب عن كثب تحركات كتائب البراء وغيرها من الميليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني، وفرض حظر على تزويدها بالأسلحة أو أي دعم لوجستي.
إن ما يحدث في السودان اليوم هو كارثة إنسانية وحقوقية بكل المقاييس. المدنيون العزّل يدفعون ثمن صراع سياسي وعسكري لا ناقة لهم فيه ولا جمل. الجيش السوداني وميليشياته المتحالفة، بما في ذلك كتائب البراء، يجب أن يتحملوا المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني. المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية تدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري والفعال لوضع حد لهذه الانتهاكات المستمرة وضمان تقديم الجناة للعدالة.
للتواصل:
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: [email protected]
وتساب: +33766119460