بقلم/ سيد أحمد فقيري
في خواتيم العام 2019 وبحلول نهايات عهد البشير ألقي القبض على ضابط برتبة رفعيه يتبع لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش السوداني بتهمة تسريب تقارير الاستخبارات العسكرية السودانية إلى مصر، وبحسب الوقائع ان المخابرات المصرية تحصل على تقارير الاستخبارات السودانية قبل أن تصل إلى قادة الجيش والدولة في السودان.
اشتط أحد قادة الاستخبارات العسكرية حينها وقام بركل ولطم المتهم عليه حتى أغمي عليه، ليتم سجنه لعدد من الأشهر وبعدها حكم عليه بتهم نشر وتسريب معلومات بعقوبات متفاوتة تصل حد الإعدام، ولكن قبيل ان يتم تنفيذ الحكم عليه تسارعت وتيرة الاحداث من مظاهرات وانقلابات متعددة واضطرابات مستمرة صاحبت مسيرة الثورة حتي جاء الاتفاق الإطاري واعتصام الموز ومن ثم الانقلاب وصولاً للحرب التي أشعلها المؤتمر الوطني، تلك الاحداث جعلت المتهم يقبع في السجن دون تنفيذ الحكم عليه، ولكن بعد اشعال الحرب وللمصيبة أصبح من كبار قادة العمليات في الجيش السوداني ليقود حرب الكرامة المزعومة.
لكن تلك ليست الحادثة الأولي فالجيش السوداني مخترق من أعلى قمته من قبل المخابرات المصرية بل مصر تحصل على كل ما تستطيع الحصول عليه عن طريق الجيش الذي يئد لها الثورات السودانية وينفذ لها الانقلابات ويصدر لها المواد الخام ويقمع لها المعارضين، ولا تنتطح عنزتان ان مصر وراء كل بلاوي السودان، بل الجيش السوداني ما هو إلا كتيبه تابعة للجيش المصري و«خادم مطيع لها».
في الواقع مصر مخترقة الجيش وبعض النخبة وقامت لعمليات اخصاء وتحنيط ممنهجة ، حيث تمتلك أحزاب ومتعلمين وليس مثقفين وكذلك ضباط في الجيش والامن والاستخبارات، فهي تجند الضباط تحت ستار الدورات العسكرية بأكاديمية ناصر العسكرية والمؤسسات وحقول الاكاديميا التابعة لها ولذلك استطاعت ان تمسك بتلابيب السودان وتفرمل بعجلة التغيير فيه، بل من يصعب تجنيده يتم اصطياده بأساليب خبيثة في الفنادق والمنتجعات عبر اللبوات المصريات المستعدات لرفع أرجلهن لمن يدفع أكثر ولعل احدث الوقائع في ذلك هو ما سرب عن المارشال الذي غير موقفه من الحياد الكامل الي الدعم الكامل للقتال بجانب الجيش بعد ان هددته المخابرات المصرية بتسريب ما لديها من فيديوهات وصور.
ولا شك مطلقا في أن مصر وهي تتحرك بنشاط ممثلة في عباس كامل للإمساك بملفات الحكم في السودان، تحظى بمباركة البرهان لمساعيها، بل تصنع الكيانات الكرتونية بلا وزن أو سند شعبي لمباركة افعالها القذرة في السودان، وقد وجدت في البرهان ضالتها كشخص أدمن الكذب والمخاتلة ونقض العهود دون ان يرمش له جفن، فهو يرى في المسعى المصري مخرجا يجعل تبعة النكوص عن التعهد بالعودة الى الثكنات العسكرية في عنق مصر.
كان لافتا أيضا أنه وبعد مغادرة البرهان لمصر عشية انقلاب 25 أكتوبر رشحت الأنباء عن اجتماع القيادات العسكرية العليا في الخرطوم لبحث الانقلاب، ليأتي البرهان بعد ان أوعز له كامل بضرورة تنفيذ الانقلاب لقطع الطريق امام إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، لتضمن استمرارها في الانفراد بالحكم.
يدرك الشعب السوداني أن مصر تستخف بهم كشعب ودولة وهي عدوهم الأول ولا حل غير حل جذري كامل بالانفكاك من السيطرة المصرية وهذه لن تتأتى دون بناء نخبة وطنية واعية وقادرة على التغيير وبناء جيش «وطني» وليس جيش مُسيطر عليه من مصر ولا غيرها.