على الرغم من تبقي 9 أشهر فقط على انطلاق «كأس العالم للأندية»، فإن «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)» ما زال يصدر مزيداً من التفاصيل المتعلقة بالمسابقة التي من المنتظر إطلاقها في منتصف 2025، وسط جدل ومعارضة كبيرة من روابط الأندية واللاعبين في أوروبا.
وأعلن الـ«فيفا» الأسبوع الماضي الشعار الرسمي للبطولة، التي ستشهد نسختها الافتتاحية مشاركة 32 فريقاً من جميع أنحاء العالم على مدار 4 أسابيع بالولايات المتحدة، في اختبار أول للملاعب قبل «مونديال المنتخبات 2026».
وإذا كان الـ«فيفا» قد كشف عن شعار البطولة، فإنه لم يقدم أي تفاصيل تتعلق بالملاعب والمدن التي ستقام فيها المباريات بالضبط حتى الآن، رغم أن المتبقي على الانطلاق 9 أشهر فقط، وليس لدى الفرق المتنافسة وجمهورها أي فكرة عما إذا كانوا سيسافرون إلى مدن نيويورك أو شيكاغو أو فيلادلفيا أو سياتل أو لوس أنجليس… أو إلى أي مكان آخر بالولايات المتحدة.
وما زالت المسابقة، التي ستقام في يونيو (حزيران) المقبل، تخوض معارك قضائية مع «النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو)» و«الدوريات الأوروبية» (التي تمثل 39 دورياً في 33 دولة)، بشأن ما يزعمون أنها «إساءة استخدام الهيمنة» من قبل الـ«فيفا»، الذي بدوره اتهم هذه الدوريات بـ«النفاق»، وفق المقالة التي نشرها الصحافي مارك أوغدن على موقع شبكة «إي إس بي إن».
وأثار مدربون ولاعبون بارزون، بمن فيهم الإسباني جوسيب غوارديولا والإيطالي كارلو أنشيلوتي وإيرلينغ هالاند وكيفن دي بروين وروبرت ليفاندوفسكي، مخاوف من أن يؤدي إجراء «كأس العالم للأندية» إلى إرهاق اللاعبين بدنياً وذهنياً. لكن ما حقيقة «كأس العالم للأندية»، ولماذا أثارت البطولة كل هذا الجدل؟
ما كأس العالم للأندية؟
تُعدّ هذه المسابقة من بنات أفكار رئيس «الاتحاد الدولي لكرة القدم»، جياني إنفانتينو، الذي روّج لأول مرة لفكرة «كأس العالم للأندية» المكونة من 32 فريقاً، في عام 2016.
وخلال الفترة بين عامي 1960 و2004، كان بطلا أوروبا وأميركا الجنوبية يلتقيان للتنافس في بطولة الـ«إنتركونتينينتال»، حتى تطورت هذه البطولة إلى «كأس العالم للأندية»، وهي البطولة التي كانت تضم 7 فرق هي: أبطال الاتحادات القارية الستة التابعة لـ«الاتحاد الدولي لكرة القدم» وفريق من الدولة المضيفة، وهو النظام الذي بدأ منذ عام 2005 فصاعداً.
كان «الاتحاد الدولي لكرة القدم» يخطط لإطلاق النسخة الموسعة من البطولة في عام 2021 بمشاركة 24 فريقاً في الصين، لكن جائحة «كورونا» أدت إلى إلغاء الفكرة. وفي يونيو 2023، أكد الـ«فيفا» أنه سيطلق بطولة «كأس العالم للأندية» من 32 فريقاً في الولايات المتحدة عام 2025، على أن تقام المسابقة على مدى 4 أسابيع خلال الفترة من 15 يونيو إلى 13 يوليو (تموز). وقال إنفانتينو: «سيتنافس 32 نادياً من أفضل الأندية من جميع أنحاء العالم بالولايات المتحدة خلال يونيو ويوليو 2025. سيلتقي 32 من أفضل الأندية على مستوى العالم على المسرح العالمي، وسيتوج واحد فقط بطلاً للعالم».
ما الفِرق المتنافسة في البطولة؟
سيمثل «الاتحاد الأوروبي لكرة القدم» 12 فريقاً، بما فيها ريال مدريد ومانشستر سيتي، بالإضافة إلى 6 أندية من أميركا الجنوبية، في حين ستحصل آسيا وأفريقيا والأميركتان الشمالية والوسطى على 4 مقاعد لكل منها، مع منح أوقيانيا مكاناً واحداً، بينما يذهب المقعد الأخير للولايات المتحدة بصفتها الدولة المضيفة.
في أغلب الحالات، سيحصل على هذه المقاعد أبطال القارات في السنوات الأخيرة، لكن «الاتحاد الأوروبي لكرة القدم» و«اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم» يحددان الفرق المشاركة أيضاً بناء على تصنيف لمدة 4 سنوات، ولهذا السبب؛ فإن نادي سالزبورغ النمساوي سيحصل على أحد المقاعد الـ12 المخصصة لأوروبا.
ويعتمد التأهل على النتائج الأخيرة وليس حجم واسم النادي، ولهذا السبب فشلت أندية مثل مانشستر يونايتد وليفربول وبرشلونة في التأهل. وفيما يتعلق بأوروبا، يمكن لفريقين فقط من كل دوري محلي المشاركة في البطولة، ما لم يكن الفائزون بآخر 3 بطولات من «دوري أبطال أوروبا» من الدوري نفسه.
لماذا المعارضة الشديدة للبطولة؟
من الغريب أن مُلاك الأندية لم يقولوا أي شيء عن البطولة، لكن المديرين الفنيين واللاعبين والاتحادات، بما في ذلك «النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو)» و«رابطة لاعبي كرة القدم المحترفين» في إنجلترا، أعربوا جميعاً عن مخاوفهم بشأن زيادة الضغوط على اللاعبين.
من المتوقع أن يلعب مانشستر سيتي 75 مباراة تنافسية هذا الموسم إذا وصل إلى نهائي «كأس العالم للأندية»، ولن ينتهي الموسم بالنسبة إليه حتى 13 يوليو المقبل. من المتوقع أن يبدأ موسم 2025 – 2026 للدوري الإنجليزي الممتاز في 10 أغسطس (آب)، من أجل منح اللاعبين قدراً جيداً من الراحة بين نهاية الموسم وبداية «كأس العالم» المقبلة في 11 يونيو 2026، وبالتالي سيكون لدى المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، ولاعبيه شهر واحد فقط بين نهاية الموسم وبداية الموسم الجديد.
يحق لجميع اللاعبين الحصول على إجازة لمدة 3 أسابيع على الأقل، لذا فإن ضغط المباريات الذي يواجه الأندية المتنافسة، خصوصاً الأندية الأوروبية، واضح للغاية. وقالت مصادر لشبكة «إي إس بي إن» إن «الدوري الإنجليزي الممتاز» قلق بشأن إقامة «كأس العالم للأندية» في الصيف، نظراً إلى أن هذا التوقيت كان يخصص في العادة لإقامة المباريات الدولية بين المنتخبات.
هل هناك أي دعم لـ«كأس العالم للأندية»؟
تقول مصادر الـ«فيفا» إن البطولة ستضمن انتشاراً أكبر للموارد المالية للأندية والدوريات خارج السوق الأوروبية القوية للغاية. هناك قبول بأن النسخة الأولى من البطولة قد تبرز حقيقة الفجوة الهائلة في المستوى بين بعض الفرق (يمكن أن يلعب أوكلاند سيتي النيوزيلندي أمام ريال مدريد، على سبيل المثال) لكن الـ«فيفا» يرى أن «كأس العالم للأندية» بطولة ستنمو وتتطور قريباً لتصبح بطولة تحظى باهتمام عالمي كبير كما هي الحال مع كأس العالم للمنتخبات.
وبينما أعرب اللاعبون والمدربون عن مخاوفهم، فإن مُلاك الأندية سعداء بسبب الفوائد المالية للمسابقة. وقالت مصادر إن الجوائز المخصصة لأفضل الفرق قد تتجاوز 100 مليون دولار لكل منها. لقد حصل ريال مدريد على 131 مليون دولار لفوزه بـ«دوري أبطال أوروبا» الموسم الماضي، لذا فإن الحصول على أكثر من 100 مليون دولار نتيجة اللعب لشهر واحد يعدّ مكافأة مالية ضخمة.
ماذا نعرف عن «مونديال الأندية 5202»؟
في الحقيقة، يجب أن يركز السؤال على ما لا نعرفه عن المسابقة وليس ما نعرفه، فعدم الوضوح يضيف إلى وجهة النظر التي ترى أنه لم تكن هناك دراسة جيدة لتداعيات إقامة هذه البطولة على اللاعبين.
إننا نعرف مواعيد البطولة والفرق التي ستشارك فيها، باستثناء الفائزين بـ«كأس ليبرتادوريس» عام 2024 و«كأس الدوري الأميركي لكرة القدم». لقد أصبح لدينا الآن شعار البطولة وحتى الأغنية الرسمية، لكننا لا نعرف متى ستقام قرعة البطولة أو المدن التي ستستضيف المباريات.
عادةً في البطولات الكبرى بهذا الحجم التي ينظمها الـ«فيفا»، يتم الانتهاء من كل شيء يتعلق بالمباريات (الملاعب والتواريخ وأوقات انطلاق المباريات) ويعلَن عنه قبل سنوات، لكن الأندية المتنافسة لا تزال تنتظر معرفة المكان الذي ستلعب فيه!
قالت مصادر إن الخطة الأصلية كانت تتمثل في إقامة «كأس العالم للأندية» في مدن على الساحل الشرقي للولايات المتحدة؛ لأسباب منها أنها مناسبة أكثر من ناحية التوقيت للجهات والقنوات التي ستنقل مباريات البطولة في أوروبا، ونظراً إلى أن «كأس الكونكاكاف الذهبية 2025» ستقام على الساحل الغربي خلال الفترة بين 14 يونيو و6 يوليو.
يظل الساحل الشرقي هو المكان الأكثر ترجيحاً، لكن تأهل سياتل ساوندرز، أحد أكثر الفرق الجماهيرية في الدوري الأميركي لكرة القدم، قد يؤدي إلى إقامة بعض المباريات في منطقة شمال غربي المحيط الهادي.
هناك أيضاً مشكلة تتعلق بالجهات التي ستبث مباريات كأس العالم للأندية. لقد أعلن الـ«فيفا» في منتصف يوليو الماضي أنه فتح مزايدة لحقوق البث، بعد أن أشارت تقارير إلى أن المحادثات مع شركة «أبل» قد توقفت بسبب عرض عملاق التكنولوجيا البالغ مليار دولار، وهو ما يقل كثيراً عن السعر المطلوب من الـ«فيفا» البالغ 4 مليارات دولار.
هل البطولة مهددة بالإلغاء؟
يرغب كثيرون؛ سواء من روابط اللاعبين والأندية في أوروبا، في إلغاء «كأس العالم للأندية»، لكن هذا لن يحدث. لقد أُعلن عن جميع الفرق المشاركة تقريباً، وهناك احتمال لأن تطالب هذه الأندية بتعويض ضخم في حال قرر الـ«فيفا» إلغاء المسابقة.
وقالت مصادر في الـ«فيفا» إن إطلاق شعار البطولة الأسبوع الماضي، رغم أنه متواضع، يُعدّ بداية للإعلان عن مزيد من الأخبار المهمة حول المسابقة. وقالت المصادر إنه سيعلَن عن المدن المضيفة وموعد إقامة القرعة قبل نهاية عام 2024.
إن الإجراءات القانونية التي اتخذتها «فيفبرو» والدوريات الأوروبية لا تزال قائمة، وقال الرئيس التنفيذي لـ«رابطة اللاعبين المحترفين»، ماهيتا مولانغو، لـ«إي إس بي إن» في أغسطس الماضي إن رابطة اللاعبين «لا يمكنها على الإطلاق» استبعاد احتمال الدخول في إضراب إذا لم تعالَج مخاوف تعرض اللاعبين للإرهاق.
وقال ألكسندر بيليفيلد، مدير «السياسة العالمية والعلاقات الاستراتيجية» في «الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين» في بيان: «الفجوة بين أولئك الذين يخططون ويضعون جدولاً للمسابقات الدولية المعقدة وأولئك الذين يلعبون ويختبرونها لم تكن أكبر مما هي عليه الآن»، في إشارة إلى أن هناك لاعبين في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى سيصل متوسط مشاركاتهم إلى 80 مباراة في الموسم المقبل بسبب توسيع المسابقات. لذا؛ فهناك عقبات محتملة أمام الـ«فيفا» وخططه لإطلاق «كأس العالم للأندية» المكونة من 32 فريقاً، لكن كل المؤشرات تشير إلى أن البطولة ستقام في موعدها.