علي أحمد
فظاعة الصور المتداولة وهولها، التي تظهر ضباط من الجيش وهم يوزعون الإغاثة الانسانية على أنفسهم، دفعا بي للكتابة عن سرقة المساعدات الإنسانية من قبل قيادة الجيش الهارب، الذي أصبح الآن بعد أن بانت وظهرت سرقته للإغاثة جيش العار بعد أن ظل (جيش الفرار) منذ بداية الحرب وحتى اللحظة.
صفتان ثقليتان على اللسان والقلب، لكنهما الحقيقة: (العار والفرار)، وعند الله تجتمع الخصوم، صوراً كثيرة اُلتقطت ومقاطع فيديو صوّرت لهذا الجيش وهو يوزع المساعدات الإنسانية القادمة من الدول الشقيقة والصديقة مثل: المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، وغيرها من الدول على جنوده المهزومين ووحداته العسكرية المندحرة، ويحرم منها مستحقيها الذين تشردوا في الآفاق بسبب حربه التي أشعلها ويخوضها من أجل الحيازة على السلطة ونهب ثروات ومقدرات البلاد كعادته منذ فجر استقلال البلاد حيث انقلب على السلطة الديمقراطية منذ العام 1958؛ عمالة لمصر – ولا يزال- ومن أجل النهب والسلب وسرقة مقدرات الوطن !
غريب أنت يا جيش! ” تقتل القتيل وتمشي في جنازته”، لقد شرد هذا الشعب في الآفاق، وهربت قيادتك من عاصمتها إلى بورتسودان، وعرضت المواطنين للجوع بسبب ضعفك وعدم قدرتك على السيطرة على شهوة السلطة والمال، وعندما تصدى الضمير الإنساني لمسؤولياته وجلب المساعدات الإنسانية للمتضررين من حربك، ها أنت تحول دون وصولها وتضع العوائق والمتاريس وتضغط وتتاجر بأرواح الناس وهي آخر همّك، من أجل أن تتولى أنت بنفسك توزيع الإغاثة بغرض (سرقتها) وتوزيع القليل منها على جنودك الجوعى الذي لا يجدون إلا بصلاً ليأكلوه، والذين يلبسون أسمالاً لا ملابساً، وتبيع ما تبقى في السوق لنفس المواطنين الذين سرقتها منهم، تبيعها لأصحابها ومستحقيها !!
أي فساد هذا؟، كيف لجيش محترم أن يخدع الأمم المتحدة ويسرق الدول الصديقة والشقيقة ويقتل شعبة مرة بالحرب وأُخرى بالجوع، فالمساعدات الإنسانية الآن بين شرين: مالم يسرقه ويبيعه (جبريل)، أكله وسرقه الجيش!
يظن المواطن البسيط أن قادة الجيش عندما يتحدثون بصوت عالٍ بأن الإغاثة ينبغي أن توزع عبرهم فقط، وأنهم لن يسمحوا للمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية بالعمل في توزيعها، مرة بدعوى أن حياتهم ستكون معرضة للخطر، ومرة بدعوى السيادة الوطنية، وهذه كلها أحابيل وأكاذيب وحيّل رخيصة حتى يضغطوا على الدول المانحة ويوخزوا الضمير الإنساني للعالم الحر بصور النساء والأطفال وهم يتضورون جوعاً، فيرّق ويستجيب لمطلبهم فيرسل لهم الإغاثة ليتولوا (وهم شرذمة من القتلة والحرامية)، توزيعها، فتنحرف إلى الأسواق وإلى (ميزات) الضباط في مقرات الجيش، حتى الجنود يحرمون من حصتهم في المواد المسروقة، وقد رأينا أمس حالهم وهم أسرى من معركة (حطاب)؛ رث الثياب عرّاة وحفاة وهياكل عظمية تمشي على الأرض، يا الله.
الآن، تباع المساعدات الإنسانية في أسواق شرق وشمال السودان علانية دون حياء، وكل العالم يعرف ذلك، لأن المواطنين يصورون وأفراد الجيش كذلك؛ بالذات الجنود المقاتلين المحرومين من أنصبتهم؛ حيث يستأثر الضباط بجميع المسروقات الإغاثية ويبتلعونها، لكنهم مع أول هجمة خفيفة على معسكرهم من قبل قوات الدعم السريع يفرون فرار الصحيح من الأجرب، ويفر خلفهم جنودهم وخلف الجنود المواطنين العزل في مشهد سريالي لم يحدث من قبل في أي حرب في العالم.
الان عرفت نتائج أكل مال السحت، وكنت استغرب من هذه الهزائم المتتالية وهذا الهروب الجبان للجيش أمام جحافل الدعم السريع، فبعض المعارك لم تكن تستغرق نص ساعة حتى يهرب الجيش ويترك عدته وعتادة خلف ظهره في منظر تتقطع له النياط.
لكن، دعونا من ذلك، لأن الأمر جدّي ومتعلق بحيوات الناس، لذلك نناشد الدول الصديقة والأمم المتحدة، بأن تتولى مسألة توزيع المساعدات الإنسانية بنفسها، وأن تكون مهمة الجيش فقط في توفير الحماية بالمناطق التي يسيطر عليها، كما تفعل قوات الدعم السريع في مناطق نفوذها، وبالتالي نضمن وصول الإغاثة لمستحقيها، وما لم يحدث ذلك فان الإغاثة الانسانية ستكون بيد القتلة وتصبح من أدوات الحرب، وتصير نقمة لا نعمة، كما يحدث الآن!