راجت ردود فعل واسعة حول فتوى اعتبرها البعض “مثيرة للجدل” من الداعية السوداني عبد الحي يوسف أجاز فيها قتل المدنيين عبر قصف الطيران، لجهة أن الأسلحة الحديثة لا تفرق بين رجل أو امرأة أو طفل كما اعتبر البعض أن الفتوى مقصود بها إجازة قتل ما يعرف بـ”حواضن الدعم السريع”.
وقال يوسف في فتواه: إذا حصل القصف مقصوداً به أولئك البغاة الظالمين ومن لاذ بهم ممن يؤيدهم ويشجعهم على سوء فعالهم فقُتل في ذلك القصف من لم يقصدوا قتله فإنه لا حرج عليهم في ذلك؛ بناء على ما قرره أهل العلم أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالا؛ خاصة إذا علمنا أن الأسلحة المستخدمة في الحروب الحديثة لا تفرق بين صغير وكبير ولا بين رجل وامرأة.
محامية جنائية دولية: يمكن مساءلة أي فرد عن التحريض على ارتكاب جرائم ضد القانون الإنساني الدولي
تحريض على الإبادة
لم تكن هذه الفتوى هي الأولى المثيرة للجدل لعبد الحي يوسف المحسوب على بطانة النظام السوداني البائد، فقد أفتى سابقاً بقتل بعض السياسيين من قوى الحرية والتغيير وإسقاط الجنسية من بعضهم في برنامج تلفزيوني، كما كان متهما بأنه هو مصدر الفتوى التي قال الرئيس المعزول عمر البشير إنها منحته الإذن بقتل ثلثي الشعب السوداني إبان ثورة ديسمبر إلا أنه نفى ذلك في حوار أجري معه على موقع قناة الجزيرة.
تأتي خطورة فتوى عبد الحي في سياق الحرب الحالية بما يعرف بـ”التحريض” لقتل المدنيين. ووفق المحامية الجنائية الدولية ليندا بور فإنه يمكن مساءلة أي فرد عن التحريض على ارتكاب جرائم ضد القانون الإنساني الدولي: “لقد رأينا هذا في رواندا حيث تم إدانة أفراد من خدمة البث RTLM بالتحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية”.
وقطعت بور بضرورة تحليل كل حالة بناء على الوقائع وحالة الفرد والدور الذي لعبه وما إذا كانت أفعاله أدت بشكل مباشر إلى ارتكاب جريمة، قائلة إنه يجب أخذ كل ذلك في الاعتبار عند تحديد العواقب القانونية.
باحث في “العفو الدولية”: الهجمات العشوائية التي تقتل وتجرح المدنيين تشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي وهي محظورة
انتهاك القانون الدولي
من جانبه، أكد الباحث في شؤون السودان والصومال بمنظمة العفو الدولية عبد الله حسن، أن العسكريين مطالبين بالتمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية في “جميع الأوقات”، مشددا على أن الهجمات العشوائية التي تقتل وتجرح المدنيين تشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي وهي محظورة.
واتفقت بور مع ما ذهب إليه الباحث في منظمة العفو الدولية حول أن القانون الدولي يحظر بشكل “صارم” الهجمات العشوائية ضد المدنيين.
وقالت في مقابلة مع (التغيير)، إن قصف المناطق التي يلجأ إليها المدنيون يعتبر انتهاكاً لهذه القوانين، كما أكدت أن تواجد قوات الدعم السريع في المناطق التي يلجأ إليها المدنيون يعتبر أيضاً انتهاكاً للقوانين.
وأضافت المحامية الجنائية الدولية شارحة ما وصفته بمبدأ “التناسب” الذي يجبر أطراف النزاع على تقييم الميزة العسكرية الملموسة والمباشرة مقارنة مع الضرر الذي سيلحق بالمدنيين عند شن الهجوم.
وأشارت إلى ضرورة احترام الجيش السوداني هذا المبدأ عند شن هجوم بالطائرات وحال لم يكن متناسباً فلا ينبغي عليه تنفيذ ذلك الهجوم.
وحول حديث عبد الحي يوسف القائل بأن الأسلحة الحديثة لا تفرق بين رجل وامرأة وطفل أكدت المحامية الجنائية الدولية ليندا بور أن هذا التبرير ليس دفاعًا قانونيًا صالحًا، مشددةً على أن القانون الدولي الإنساني يحظر قصف المناطق المدنية.
بروفيسور في علم الاجتماع والانثروبولوجيا: مصطلح حواضن خاطئ وغير دقيق