علي أحمد
“تعبنا يابرهان تعبنا
اتشردنا سنة كاملة يابرهان
بيوت ما عندنا يابرهان
قاعدين في الشارع يا برهان
نحنا نسوان السودان يا برهان
نحنا تعبنا
قاعدين في الشارع يا برهان
إدمرنا أنحنا
لا للحرب يا برهان”.
هكذا وبهذه العبارات البسيطة العميقة الصادقة التي تدخل القلب مباشرة، هتفت النساء الريفيات البسيطات من منطقة قوز هندي بمحلية مروي (شمال السودان)، في وجه البرهان الذي كان يقوم بجولة تفقدية للمناطق المُتأثرة بالسيول والأمطار؛ بعد أن وجد فسحة من الوقت عقب مغادرة مطربة قاع المدينة “ندى القلعة” التي كانت في ضيافته وبين رموش عينيه (الساحرتين) كما وصفتها، إلى دولة الإمارات حيث تقيم، في الغالب على حساب قيادة الجيش.
صوت نساء وأطفال وأسر السودان هو ما نطقت به نساء قوز هندي، إنهن النساء المتأثرات من آثار الحرب، رغم أنها لم تبلغ المنطقة التي يعشن فيها، فما بالكم باللاتي يعشن في مناطق الحرب أو النازحات منها؟!
النساء السودانيات، قلن كلمتهن (لا للحرب)، وبينما هن يخاطبن البرهان بأن أوقف الحرب، لقد تشردنا وأصابتنا المجاعة والتعب والرهق، هتف فلول الكيزان وأصحاب الذمم المشتراة الذين كانوا حوله في محاولة غبية ومصنوعة (جيش واحد شعب واحد)، محاولين التشويش على صوت الحق والصدق النساء، فجاءت هتافاتهم مدفوعة القيمة ضعيفة عاجزة عن الخروج من حناجرهم، لقد أثقل الله ألسنتهم فكانت أصواتهم ضعيفة، لأنها تُعبّر عن الباطل، والباطل دوماً زهوقا، فيما جاءت أصوات النساء، أصوات (لا للحرب) قوية، لأنها الحق، والحق لا يُعلى عليه، ولا يصح إلا الصحيح.
نساء قوز هندي قدمن درساً في الأخلاق والوطنية والشجاعة، لقد تصدين ببسالة للبرهان وهتفن في وجهه المكفهر الذي عليه غبرة ترهقه قترة، بأن أوقف الحرب (لقد تعبنا).
السودانيون جميعهم عدا فئة قليلة هم (الكيزان)، يريدون للحرب أن تنتهي اليوم قبل الغد، لقد تضافرت ضدهم قوى الطبيعة وقوى الشر، لكن هذا الرجل الضعيف المهزوز المنخور بالهزيمة والمنكسر أمام الكيزان والطامح إلى سلطة حتى ولو في 10% من مساحة البلاد التي مزقتها الحرب، لا يمتلك إرادته وبالتالي لا يمتلك قراراً.
لم أر في حياتي رجلاً تنطبق عليه صفة (هوان) مثل هذا البرهان، يظن بعد مرور قرابة عام ونصف من الحرب التي خسرها بامتياز، أن بمقدورة الانتصار لأنه حصل على (8) طائرات بعد أن فقد جميع طائراته منذ أن بدأت الحرب وحتى الآن، وما الم تحققه تلك الطائرات التي تم اسقاطها وهي أضعافها فلن تحققه الثماني الجديدة التي أًسقطت واحدة منها في الفاشر قبل أيام!
يظن البرهان، أنه يمكنه أن يحسم الحرب بالطيران، وهذا لن يحدث ولو انطبقت السماء بالأرض، لن يحدث ليس لأنه لا يملك ما يكفي من الطائرات الحربية، وهذا صحيح أيضاً، وإنما لأنه لم يتم عبر تاريخ الحروب في العالم كله أن تم حسم أي حرب بسلاح الطيران، وهو سلاح مساعد فقط، أما من يحسم المعركة فهم المقاتلين الأشداء على الأرض، وهؤلاء لا يملك البرهان منهم نفرا، سوى كيزانه الذين لم نراهم – منذ بداية الحرب – مدبرين لا مقبلين!
الهتاف المؤثر الذي يقطع نياط القلب لنساء قوز هندي في وجه البرهان، هو الحقيقة، وليست أغنيات ندى القلعة ولا حشرجات الأصوات الواهنة في وسائل التواصل الاجتماعي، وإن شعار (لا للحرب) هو الذي يمثّل السودانيين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم وتناقضاتهم، لكن البرهان لا يسمح ولا يعي ولا يرى وهو محاط بالحمقى والأغبياء والفاسدين والانتهازيين من فلول النظام الكيزاني البائد ومرتزقة الحركات المتمردة، لذلك أتوقع أن يظل عاجزاً عن استيعاب الحقيقة حتى يجد بورتسودان محاطة (بالأشاوس)، وهذا ما حدث للقذافي وصدام حسين وكثيرون، حينها لن يجد أحد بالقرب منه، سيفر منه الجميع.